سلسله مباحث امامت به زبان عربی (الدرس الثانی)
بِسْمِ اللَهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ
و صلّى اللهُ على محمّد و آله الطّاهرين
ولعنة اللَه على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين
و لا حول و لا قوّة إلّا باللَهِ العليّ العظيم
قال الله الحكيم في كتابه الكريم :
يَأَيّهَا الّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَهَ وَ أَطِيعُوا الرّسُولَ وَ أُولِى الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَزَعْتُمْ فِى شَىْءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللَهِ وَ الرّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَهِ وَالْيَوْمِ الْأَخِرِ ذَ لِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلًا . (1)
الدين الإسلاميّ المقدّس دين كامل شُرّع على أساس الفطرة . و هو الدين الذي يُلبّي جميع الحاجات الفطريّة للإنسان بنحو تام من أجل ارتقاء البشر إلى منازل السعادة . فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَهِ الّتِى فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها . (2) و لم يترك الإسلام أيّ حكم من الأحكام الفطريّة إلّا و صرّح به بنحو أتمّ . أَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى . (3) و قال الرسول الأكرم : إِنّمَا بُعِثتُ لاُِتَمّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ . (4) و قال أيضاً : مَا مِنْ شَيْءٍ يُقَرّبُكُمْ إِلَى اللَهِ إِلّا وَ قَدْ دَعَوْتُكُم بِهِ ، وَ مَا مِنْ شَيْءٍ يُبَعّدُكُمْ عَنِ النّارِ إِلّا وَ قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ . (5)
الوصيّة عن الأحكام الفطريّة و العقليّة و الشرعيّة
تمثّل الوصيّة حكماً من أحكام الشريعة المتقنة المرتكزة على الفطرة ، و الوصيّة تعني أنّ الإنسان يوصي بشأن أُمور دينه و دنياه كي لاتُترك سدىً ، و كما تكون في الحياة بشكل أفضل ، فكذلك هي بعد الممات تكون بشكل أفضل أيضاً . و الوصيّة حكم عقليّ و قد أقرّها الشارع المقدّس أيضاً . و هذا الحكم له ثلاث مراحل :
المرحلة الأُولى : حكم الفطرة ، و هذا يعني أنّ كلّ إنسان مجبول فطريّاً على الرغبة في القيام بأعماله و الإشراف على جميع شؤونه مباشرة ووفقاً لرأيه و هواه . فهذا حكم فطري و غريزة إلهيّة فالإنسان لا يريد أبداً أن يُفِلتَ زمام أُموره من يده فيكون بِيَدِ شخص آخر غريب عنه . و إلى جانب رغبته في أعماله و شؤونه المتنوّعة ، فإنّ له رغبة في أن يكون صاحب القرار فيها من حيث التصرّف و التغيير و التبديل و المحافظة عليها و غير ذلك . و هذه الرغبة لاتنتهي عند ساعة الاحتضار بل تمتدّ إلى ماشاء الله من عمر الزمن مادام الإنسان يشاهد آثاره شاخصة بعد الموت على تعاقب السنين و تصرّم الأيّام و الشهور و الدهور .
و لذلك نراه في هذه الدنيا قد مدّ بصره بنظرة ثاقبةٍ فاحصة نحو زمن ما بعد الموت حتّى أُفق واسع و شعاع طويل للغاية فيه . و هو يحاول جاهداً أن يفرض إرادته و يعبّر عن رأيه و حرّيّته و عمّا يراه من صالحه ، و ذلك من أجل المحافظة على آثاره من علم ، و كتاب ، و صدقة ، و بناء ، و ولد و زوجة و مزرعة ، و أمثال ذلك . و يبذل أقصى جهده من أجل تحقيق ذلك بعد الموت . و هذه الغريزة الفطرية ملحوظة حتّى عند الحيوانات . إذ إِنّ أكثرها عندما يشعر بقرب موته و يرى علامات الموت ، فإنّه يشيّد لأفراخه بيتاً محكماً و عُشّاً رصيناً بعيداً عن كلّ خطر .
المرحلة الثانية : حكم العقل . لاشكّ أنّ العقل يفرض سيطرته على الإنسان من خلال ما يفكّر به الإنسان نفسه من ضرورة الإهتمام بأُموره و تنظيمها و عدم إهمالها و يدرك أنّ عليه تعيين وصيّ له بعد لحفظها و حراستها لتنظيم آثاره و الإفادة منها . و يوصي بالمحافظة عليها لكي يتسنّى له الإفادة منها بعد موته بنفس المقدار الذي كان يطمح أن يفيد منها في حياته و العقلاء في العالم ينظرون إلى الشخص الذي يموت بلا وصيّة تاركاً و راءه زوجة ، و ذرّيّة ، و محلّ تجاريّ ، أو مزرعة ، أو أمر متعلّق بالحكومة أو بالمسائل العلميّة ، أو أمثال ذلك بدون تدبير ، ينظرون إلى مثل هذا الشخص نظرة امتهان و ازدراء ، و يرونه إنساناً ناقصاً ، ويذمّونه على ترك الوصيّة . على عكس مالو أوصى و عيّن له وصيّاً كفوءاً خبيراً بصيراً مدبّراً يدير شؤونه و يتولّى أمر ذرّيّته من أولاده الصغار و غيرهم . فإنّهم يُثنون عليه و يمجّدونه ، و ينظرون إلى عمله بوصفه عملاً إنسانياً .
المرحلة الثالثة : حكم الشرع الذي شُرّع على أساس حكم الفطرة و حكم العقل . و الوصيّة في ضوئه حكم ممدوح و مستحسن في جميع الشرائع و الأديان . و قد جاءت الوصيّة في الشريعة الإسلاميّة المقدّسة التي هي أكمل الشرائع و أتمّها بحدود و مواصفات معيّنة واضحة لاغبار عليها . قال تعالى :
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيّةُ لِلْوَلِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتّقِينَ * فَمَن بَدّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنّمَآ إِثْمُهُ عَلَى الّذِينَ يُبَدّلُونَهُ إِنّ اللَهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . (6)
الولاية أهمّ مسألة في الدين
إنّ أهمّ مسألة من مسائل الدين هي مسألة الولاية ، أي : تولّي زمام الأُمور الدينيّة ، الظاهريّة و الباطنيّة ، و البدنيّة و الروحيّة ، والدنيويّة و الأُخرويّة ، و المادّيّة و المعنويّة ، و العباديّة و الاجتماعيّة . و هذه الأُمور جميعها منطوية في أمر الدين ، و كانت لرسول الله ولاية عليها .
الولاية هي روح الدين ، و الدين بدونها جسد هامد لا حراك فيه كالدين بدون نبيّ مبعوث من الله ، أو كمعالجة المريض بدون طبيب ، أو كبناء البيت بدون معمار . أو كإجراء عمليّة جراحيّة بدون أُستاذ معالج ؛ لأنّ سعادة الناس في ظلّ الدين ، و قوام الدين في ظلّ حافظه و حارسه العارف بأُصوله و فروعه و القيّم على معارفه و حقائقه . و كما أنّ الإنسان يتنكّب عن جادّة الإنسانيّة ما لم يكن له دين ، و لا يصدق عليه إلّا اسم الإنسان فقط ، فكذلك الدين فإنّه يعدل عن الصراط المستقيم ما لم يكن له إمام ، ولا ينطبق عليه إلّا اسم الدين فقط . و لذلك نرى أنّ ذلك المقدار من التوصيات النبويّة بشأن الولاية لا يضارعه شيء ممّا ورد في المسائل الدينيّة الأُخرى . و إنّ ذلك الحجم من التعظيم الذي أولاه النبيّ لمقام الولاية ، و تأكيده المتواصل ، و تذكيره المتابع ، و أخذه العهد و البيعة من الناس و الصحابة ، و تذكيراً بتوجيه الخطاب إليهم ، وإشهادهم على ذلك لا يضاهيه ما جاء في أيّ حكم من أحكام الدين الأُخرى ، بل و لا يبلغ عُشره أو واحداً بالمائة أو واحداً بالألف منه .
إنّ قراءة في السيرة النبويّة و مطالعة في التاريخ الصحيح تكشفان لنا أنّ ولاية أمير المؤمينن عليّ بن أبي طالب عليه السلام عند النبيّ صلّى الله عليه و آله مع أصل الإسلام على حدّ سواء . و إنّ كفّتها متساوية مع كفّة النبوّة و القرآن ، بل هي روح النبوّة و روح القرآن .
إننّا في هذا البحث ـ ناهيك عن الأحاديث النبويّة بشأن ولاية أمير المؤمنين المأثورة بعناوين مختلفة و عبارات متنوّعة ، نحو حديث العشيرة ، و حديث أَنَس ، و حديث الغدير ، و حديث المنزلة ، و حديث الثَقَلَين . و حديث السفينة . و غيرها التي جاء بعضها في هذا الكتاب و سيجيء بعضها الآخر لاحقاً ـ نريد أن نعرض الأحاديث التي ورد فيها لفظ الوصيّة بشكل خاصّ ، حتّى يتبيّن لنا كثرة المواطن التي أطلق رسول الله فيها لقب «سيّد الوصيّين» أو «سيّد الأوصياء» أو «وصيّي» على أمير المؤمنين . و كذلك سمّاه في مواطن كثيرة : «خليفتي» و بالألقاب التي تحمل معنى الخليفة و الوصيّ .
وصاية أمير المؤمنين من قبل رسول الله
أعلن رسول الله في أوّل يوم دعا فيه عشيرته إلى الإسلام أنّ عليّاً أخوه و وزيره و وصيّه و خليفته . و قد نقلنا و قائع تلك الجلسة في هذا الكتاب .
و روى ابن المغازليّ ، و هو من أعيان علماء العامّة ، بإسناده عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه قال : يَا عَلِيّ أنتَ سَيّدُالْمُسلِمِينَ وَ إِمَامُ الْمُتّقِينَ وَ قائِدُ الْغُرّ المُحَجّلِينَ وَ يَعْسُوبُ الْمُؤمِنِينَ . (7) ثمّ قال ابن المغازليّ نفسه : قال أبوالقاسم الطائيّ : سألت أحمد بن يحيى عن معنى اليعسوب ، فقال : أمير النحل و ذَكَرها . و قد شبّه رسول الله عليَّ بن أبيطالب في هذا الخبر بأمير النحل .
و روى الشيخ عبد الحافظ بن بدران عن جماعة كثيرة عن مشايخه بسلسلة إسناده المتّصل عن الشعبيّ قوله : قَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلامُ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلّى الله علَيهِ وَآلهِ و سلّم : مَرحَباً بِسَيّدِ الْمُسْلِمِينَ ، وَ إمَامِ الْمُتّقِينَ . فَقِيلَ لِعَليّ : فَأَيّ شَيءٍ كَانَ مِنْ شُكْرِكَ ؟ قَالَ حَمِدتُ اللَهَ عَزّ وَجلّ عَلَى مَا آتانِي ، وَ سَأَلْتُهُ الشّكْرَ عَلَى مَا أوْلَانِي ، وَ أن يَزِيدَني مِمّا أَعْطَانِي . (8)
و نقل الحموينيّ ، و هو من كبار علماء العامّة ، بسنده المتّصل عن جابر بن عبدالله الأنصاريّ أنّهُ قَالَ : كُنتُ يُوماً مَعَ النّبِيّ صلّى الله عَلَيهِ وَآلهِ وَ سلّم : فِي بعضِ حِيطانِ المَدِينَةِ وَ يَدُ عَلِيٍّ فِي يَدِهِ ، فَمَرَرْنا بِنَخلٍ فَصَاحَ النّخْلُ : هَذَا مُحَمّدٌ سَيّدُ الأنْبِياءِ ، وَ هَذَا عَلِيّ سَيّدُ الأوصِيَاءِ وَأَبُو الأئِمّةِ الطّاهِرِينَ ، ثُمّ مَرَرْنَا بِنَخلٍ : فَصَاحَ النّخْلُ ، هَذَا الْمَهْدِيّ ، وَهَذَا الْهادِي ، ثُمّ مَرَرْنَا بِنَخلٍْ ، فَصَاحَ النّخُل : هَذَا مُحَمّدٌ رَسُولُ اللهِ ، وَ هَذَا عَلِيّ سَيْفُ اللهِ ، فالْتَفَتَ النّبِيّ إلَى عَلِيّ ، فَقَالَ : يَا عَلِيّ سَمّهِ : الصّيحانِيّ فَسُمّيَ مِن ذَلِكَ اليَومِ : الصّيحانِيّ . (9)
و نقل أيضاً بإسناده المتّصل عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبّاس أنّه قالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سلّم لِأُمّ سَلَمَةَ : هَذَا عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ لَحْمُهُ لَحْمِي وَ دَمُهُ دَمِي وَ هُوَ مِنّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلّا أنّهُ لَا نَبِيّ بَعْدِي يَا أُمّ سَلَمَةَ هَذَا عَلِيّ أميرُ المؤمنِينَ وَ سَيّدُ الْمُسلِمِينَ وَوَصِيّي وَ عَيبَةُ عِلمِي وَ بَابي الّذِي أُوتى مِنهُ . أَخي فِي الدّنيَا وَالآخِرَةِ وَمَعِي فِي السّنَامِ الأعلَى ، يَقتُلُ النَاكِثِينَ وَالقَاسِطِينَ وَالمَارِقِينَ . (10) (أصحاب الجمل و صفّين والنهروان) .
و روى أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ بإسناده عن ابن أبي ليلى عن الحسن بن عليّ عليهما السلام أنّه قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَليهِ [وَ آله] و سلّم : ادعُوا إِلَيَّ سَيّدَ الْعَرَبِ ـ يَعْنِي عَليّاً ـ فَقَالَت عائشَةُ : أَلَستَ سَيّدَ الْعَرَبِ ؟ قَالَ : أَنا سَيّدُ وُلْدِ آدَمَ وَ عَلِيّ سَيّدُ الْعَرَبِ ، فَلَمّا جاءَ عَلِيّ أَرسَلَ إِلَى الأنصَارِ فَأَتَوهُ ، فَقَالَ لَهُمْ : يَا مَعشَرَالأنصَارِ ! أَلَا أَدُلّكُمْ عَلَى مَا إِن تَمَسّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلّوا بَعْدَهُ أَبَداً ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ؛ قَالَ : هَذَا عَلِيّ فَأحِبّوهُ بِحُبّي وَ أَكْرِمُوهُ بِكَرَامَتِي فَإنّ جَبْرَئيلَ أَمَرَنِي بِالّذِي قُلتُ . (11)
قال أبونعيم : رووا هذا الحديث بسند آخر أيضاً عن سعيد بن جبير .
و روى أبوالحسن الفقيه محمّد بن أحمد بن عليّ بن شاذان في كتابه «فضائل عليّ و أولاده المعصومين عليهم السلام» الحاوي مائة منقبة عن طريق أهل السنّة ، روى بإسناده عن حَبّةَ العُرَنيّ ،
عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سلّم : أَنَا سَيّدُ الأَوّلِينَ وَ الآخَرِينَ ، وَ أَنتَ يَا عَلِيّ ؛ سَيّدُ الخلائِقِ بَعْدِي ، أَوّلُنا كآخِرِنَا وَآخِرُنَا كَأوّلِنَا . (12)
و روى ابن شاذان أيضاً عن طريق العامّة عن ابن عبّاس أنّهُ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سلّم : وَالّذِي بَعَثَنِي بِالحَقّ بَشيراً ما اسْتَقَرّ الْكُرسِيّ والْعَرشُ وَ لَا دارَ الْفَلَكُ وَ لَا قَامَتِ السَمَاوَاتِ وَالأَرضُ إِلّا بِأَنْ كُتِبَ عَلَيهْا : لَا إِلهَ إِلّا اللهُ ، مُحَمّدٌ رَسُولُ اللهِ ، عَلِيّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ وَ أَنّ اللهَ تَعالَى عَرَجَ بي إِلَى السّمَاءِ وَاخْتَصّنِي بِلَطِيفِ نِدَائِهِ قَالَ : يَا مُحَمّدُ ! قُلتُ : لَبّيكَ رَبِيّ وَ سَعْدَيْكَ، فَقَالَ : أَنَا الْمَحْمُودُ وَ أَنتَ مُحُمّدٌ شَقَقْتُ اسْمَكَ مِنْ اسْمي وَ فَضّلْتُكَ عَلى جَمِيعِ بَرِيّتِي فَانْصِبْ أَخاكَ عَلِيّاً عَلَماً يَهْديهِمْ إِلَى دِيني . يَا مُحَمّدُ ! إِنّي جَعَلْتُ عَلِيّاً أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ، فَمَنْ تَأمّرَ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُ ، وَ مَن خَالَفَهُ عَذّبتُهُ ، وَ مَن أَطَاعَهُ قَرَبْتُهُ . يَا مُحَمّدُ ! إِنّي قَدْ جَعَلتُ عَلِيّاً إِمَامَ المُسْلِمِينَ ، فَمَن تَقَدّمَ عَلَيْهِ أَخزَيتُهُ ، وَ مَنْ عَصَاهُ اسْتَجْفَيْتُهُ . إِنّ عَلِيّاً سَيّدُ الوَصِيّينَ ، وَ قَائِدُ الغُرّ المُحَجّلِينَ ، وَ حُجّتِي عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي أَجمَعِينَ . (13)
و روى هو أيضاً عن طريق العامّة عن ابن عبّاس أنّه قال :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سلّم يَقُولُ : مَعاشِرَ النّاسِ ! اعْلَمُوا أَنّ لِلَهِ تَعالَى بَاباً مَنْ دَخَلَهُ أَمِنَ مِنَ النّار وَ مِنَ الْفَزَعِ الأكْبَرِ ، فَقَالَ لَهُ أَبوسَعِيد الخُدْريّ : يَا رَسُولَ اللهِ ! اهْدِنَا إِلى هَذَا البَابِ حَتّى نَعْرِفَهُ ، قَالَ : هُوَ عَلِيّ بْنُ أَبِيطالِبٍ سَيّدُ الوَصِيّينَ وَ أَميرُالْمُؤمِنِينَ و أخُو رَسُولِ رَبّ العالَمِينَ وَ خَلَيِفَةُ اللهِ عَلى النّاسِ أَجمَعِينَ . مَعَاشِرَ النّاسِ ! مَنْ أَحَبّ أَن يَسْتَمْسِكَ بالعُروَةِ الوُثْقَى التّي لَا انْفِصَامَ لَها ، فَليَتَمَسّكْ بِوِلَايَةِ عَلِيّ بنِ أَبِي طالِبٍ فَإِنّ وِلَايَتُهُ وِلَايَتِي وَ طَاعَتُهُ طَاعَتِي . يا مَعَاشِرَ النّاسِ مَن سرّه الله ليَقتَدِيَ بِي فَعَلَيهِ أَن يَتوالى وِلَايَةِ عَلِيّ بنِ أَبِيطالِبٍ فَإنّ وِلَايَتُهُ وِلَايَتِي وَطَاعَتُهُ طَاعَتِي . يَا مَعَاشِرَ النّاسِ ! مَن أَحَبّ أَن يَعْرِفَ الحُجّةَ بَعدِي فَليَعْرِفْ عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ بَعْدي وَالأَئِمّةَ مِنْ ذُرّيَتِي فَإِنّهُمْ خُزّانُ عِلمِي . فَقَامَ جابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ الأنصَارِيّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَهِ ما عِدّةُ الأئِمّةِ ؟ فَقَالَ : يَا جَابِرُ ؛ سَأَلتَنِي رَحِمَكَ اللهُ عَنِ الإسلاَمِ بِأَجْمَعِهِ ، عِدّتُهُمْ عِدّةُ الشّهُورِ وَهُوَ عِندَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَهِ يَوْمَ خَلَقَ السّمَاوَاتِ والأَرضَ وَ عِدّتُهُمْ عِدّةُ العُيُونِ التِي انْفَجَرَت مِنهُ لِمُوسَى بْنِ عِمْرانَ حِينَ ضَرَبَ بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ مِنهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيناً ، وَ عِدّةُ نُقَباءِ بَنِي إسرائيلَ . قَالَ اللهُ تَعالَى : «وَ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَائيلَ وَ بَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَى عَشَرَ نَقِيباً» فَالأئِمّةُ يا جَابِرُ ؛ اثْنَا عَشَرَ إمَاماً ، أَوّلُهُمْ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَ آخِرُهُمُ القائِمُ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِم . (14)
و روى ابن شاذان أيضاً بإسناده من طريق العامّة عن أبيّذر الغفاريّ أنّه قالَ :
نَظَرَ النَبيُّ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سلّم إلَى عَلِيّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ ، فَقَالَ : هَذَا خَيرُ الأَوّلِينَ مِنْ أَهلِ السّمَاوَاتِ وَالأرَضِينَ ، هَذَا سَيّدُ الصّدّيقِينَ ، هَذَا سَيّدُ الوَصِييّنَ وَ إِمَامُ المُتّقِينَ وَ قائِدُ الغُرّ الْمُحَجّلِينَ ، إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ جاءَ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ فَوقِ الجَنّةِ قَد أَضَاءَتِ القِيَامَةِ مِن ضِيائِها ، عَلَى رَأسِهِ تاجٌ مُرَصّعٌ بالزّبَرجَدِ وَالياقُوتِ ، فَتَقُولُ الملائكةُ : هَذَا مَلَكٌ مُقَرّبٌ ، وَ يَقُولُ النّبِيّونَ : هَذَا نَبِيّ مُرسَلٌ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِن بُطْنانِ الْعَرْشِ : هَذَا الصّدّيقُ الْأكْبَرُ ، هَذَا وَصِيّ حَبِيبِ اللهِ ، هَذَا عَلِيّ بنُ أَبِي طالِبٍ ، فَيَقِفُ عَلَى مَتنِ جَهَنّمَ فَيُخرِجُ مِنها مَن يُحِبّ وَ يُدخِلُ فِيها مَن يُبغِضُ ، وَ يَأتِي أَبوابَ الجَنّةِ فَيُدخِلُ أولِياءَهُ بِغَيرِ حِسابٍ . (15)
و روى ابن شاذان أيضاً عن طريق العامّة عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أنّه قال :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سلّم : سَتَكُونُ بَعْدِي فِتْنَةٌ مُظْلِمَةٌ النّاجِي مَنْ تَمَسّكَ بالعُروَةِ الوُثقَى ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ و مَنِ العُروَةُ الوُثقَى ؟ قَالَ : وِلَايةُ سَيّدُ الوَصِييّنَ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! وَ مَنْ سَيّدُ الوَصِيّنَ ؟ قَالَ أَمِيرُ المؤمِنينَ . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَ مَنْ أَمِيرُ المؤمِنِينَ ؟ قَالَ : مَولَى المُسلِمِينَ و إمَامُهُم بَعْدِي . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! وَ مَنْ مَولَى المُسلِمِينَ وَ إِمَامُهُم بَعدَكَ ؟ قَالَ : أَخِي عَلِيّ بنُ أَبِي طالِبٍ (16) .
و روى الشيخ الصدوق ابن بابويه القُمّيّ أيضاً بإسناده المتّصل عن الأصبغ بن نباته أنّه قال :
قَالَ أميرُ المؤمنينَ عَلَيهِ السّلام : أَنَا خَليفَةُ رَسُولِ اللهِ وَ وَزيرُهُ وَ وَارِثُهُ ، وَ أَنَا أَخُو رَسُولِ اللهِ وَ وصِيّهُ ، وَ أَنَا صَفِيّ رَسُولِ اللهِ وَ صاحِبُهُ ، أَنَا ابنُ عَمّ رَسُولِ اللهِ وَ زَوجُ ابْنَتِهِ وَ أبو وُلدِهِ ، وَ أَنَا سَيّدُ الوَصِيّينَ . أَنَا الحُجّةُ العُظمَى وَالآيَةُ الكُبرَى وَالمَثَلُ الأعْلَى وَ بابُ النّبِيّ المُصْطَفَى ، أَنَا العُرْوَةُ الوُثقَى وَ كَلِمَةُ التّقوَى وَ أَمِينُ اللهِ تعالَى ذِكرُهُ عَلَى أَهْلِ الدّنْيَا . (17)
و روى أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي منصور الطبرسيّ في كتاب «الاحتجاج» عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ ، عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّ عمر بن الخطّاب لمّا دنا أجله جعل الخلافة شورى ، و عيّن ستّة من قريش بينهم أمير المؤمنين عليه السلام و أوصى أن لا تمرّ عليهم ثلاثة أيّام إلّا و يختاروا منهم خليفة . و بعد مشاورات متواصلة ، تمّ انتخاب عثمان بن عفّان .
فَلَمّا رَأَى أميرُ المؤمنينَ مَا هُمْ بِهِ مِنَ البَيْعَةِ لِعُثمانَ ، قَامَ فيهِم لِيَتّخِذَ عَلَيْهِمُ الحُجّةَ ، فَقَالَ لَهُمُ : اسمَعُوا مِنّي ، فَإِن يَكُ مَا أَقُولُ حَقّاً فاقْبَلُوا ، وَ إِن يَكُ بَاطِلاً فَأنِكرُوا ، ثُمّ قَالَ لَهُم : أَنشُدُكُمْ بِاللهِ الّذِي يَعلَمُ صِدقَكُمْ إِن صَدَقتُم ، وَ يَعلَمُ كِذبَكُمْ إن كَذَبْتُمْ ، هَل فِيكُم أَحَدٌ صَلّى الْقِبلَتَينِ كِلتَيهِمَا غَيْرِي ؟ قَالُوا : لَا . قالَ : فَهَل فِيكُم مَن بَايَعَ البَيعَتَينِ كِلتَيهِمَا بَيعَةَ الفَتحِ وَ بيَعَةَ الرّضِوانِ غَيرِي ؟ قَالُوا : لَا ـ وَ ساقَ الحَدِيثَ بِذِكْرِهِ مَناقِبَةُ وَ فَضائِلَهُ فَيُصَدّقُونَهُ فِي قَولِهِ لَهُمْ إِلَى أن قَالَ : فَأنشُدُكُمْ باللهِ هَل فِيكُمْ أَحَدٌ قالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ : «أَوّلُ طَالِعٍ يَطْلُعُ عَلَيكُمْ مِن هَذا الْبَابِ يَا أَنَسُ ؛ فَإِنّهُ أَميرُ المؤمِنينَ وَ سَيّدُ المُسلِمِينَ وَخيرُ الوَصِيّينَ وَ أَولَي بالنّاسِ ، فَقَالَ أَنَسُ : اللَهُمّ ! اجعَلهُ رَجُلاً مِنَ الأنصَارِ ، فَكُنتُ أَنَا الطّالِعَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ لِأنَسٍ : مَا أَنتَ يَا أَنَسُ ؛ بِأَوّلِ رَجُلٍ أَحَبّ قَومَهُ» غيرِي ؟ قَالُوا : لَا . (18)
نلاحظ هنا أنّ الإمام عليه السلام يستدّل بحديث أَنَس . و حديث أنَس من الأحاديث المشهورة و المعتبرة . و لا شبهة و لاشكّ في صدوره عن رسول لله صلّى الله عليه و آله و سلّم و قد ثبّته الكبار من محدّثي السنّة في كتبهم ناهيك عن محدّثي الشيعة . و عدّوه من المسلّمات القطعيّات كحديث الغدير ، و حديث العشيرة . و قد عرف هذا الحديث بحديث أنَس . و قد روى أبونعيم الأصفهانيّ في «حلية الأولياء» ج 1 ، ص 63 و محمّد بن طلحة الشافعيّ في «مطالب السئول» ص 21 عن أبي نعيم في «الحلية» . و أحمد بن الموفّق الخوارزميّ في «المناقب» ص 51 وإبراهيم بن محمّد الحموينيّ الشافعيّ في «فرائد السمطين» ج 1 باب 27 و الكنجيّ الشافعيّ في «كفاية الطالب» ص 92 ، تحت عنوان «تخصيص عليّ بكونه سيّد المسلمين» ، و ابن أبي الحديد المعتزليّ الشافعيّ في «شرح نهج البلاغة» ج 2 ص 450 ، والقندوزيّ الحنفيّ في «ينابيع المودّة» ص 313 ، عن أبي نعيم في «الحلية» ، و ابن شهرآشوب في «المناقب» ج 1 ص 543 عن حلية أبي نعيم و ولاية الطبريّ ، و السيّد هاشم البحرانيّ في «غاية المرام» ص 619 عن الحموينيّ ، و ابن عساكر في «تاريخ دمشق الكبير» الجزء الخاصّ بأمير المؤمنين ، ورقة 99 ، (19) روى هؤلاء بإسنادهم عن أنَس أنّه قالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وسلّم : يَا أَنَس ! اسْكُبْ لِي وَضُوءاً ، ثُمّ قَامَ فَصَلّى رَكْعَتَينِ ، ثُمّ قَالَ : يَا أَنَسُ ! أَوّلُ مَن يَدْخُلُ عَلَيْكَ مِن هَذَا البَابِ أَميرُ المؤمِنِينَ وَ سَيّدُ المُسلِمِينَ وَ قَائِدُ الغُرّ المُحَجّلِينَ وَ خَاتَمُ الوَصِيّينَ . قَالَ أَنَسُ : قُلتُ : اللَهُمّ اجْعَلهُ رَجُلاً مِنَ الأَنصَارِ ، وَ كَتمتُهُ ، إِذْ جَاءَ عَلِيّ ، فَقَالَ : مَن هَذَا يَا أَنَسُ ؟ فَقُلتُ : عَلِيّ ، فَقَامَ مُسْتَبشِراً فَاعْتَنَقَهُ ثُمّ جَعَلَ يَمسَحُ عَرَقَ وَجهِهِ بِوَجهِهِ وَ يَمسَحُ عَرَقَ عَلِيّ بِوَجْهِهِ ، قَالَ عَلِيّ : يَا رَسُولَ اللهِ ! لَقَد رَأَيْتُكَ صَنَعتَ شَيئاً ماصَنَعْتَ لِي مِن قَبلُ ؟ قَالَ : وَ مَا يَمْنَعُنِي وَ أَنتَ تُؤَدّي عَنّي وَ تُسمِعُهُمْ صَوتِي وَ تُبَيّنُ لَهُمْ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ بَعْدِي . (20)
نحن هنا ندرس هذا الحديث في مرحلتين : الأُولى : نبحث عن سنده متطرّقين أيضاً إلى المفردات الواردة فيه . الثانية : ندرس دلالته .
المرحلة الأُولى : تبيّن لنا أنّ كبار أئمّة الحديث رووا هذا الحديث بسلسلة إسنادهم المتّصل . و نحن ذكرنا عشرة منهم بأسمائهم و كتبهم و لا يقدح أحد في رواته . يقول الكنجيّ الشافعيّ : وَ هَذا حَديثٌ حَسَنٌ عالٍ .
و ذكرنا أيضاً أنّ هذا الحديث من المشهورات و لم يقدح فيه أحد و لم يضعّفه ، بل ذكره أمثال الحافظ أبي نعيم ، والحموينىّ ، و الطبريّ و هم من الأجلّاء في هذا الاختصاص ، و من أعاظم أساتذة الحديث ، فقد رووه بإسنادهم المتّصل عن أنَس ، و ذكره ابن عساكر في «تاريخ دمشق الكبير» .
و ابن عساكر هذا هو المؤرّخ المشهور . و كان حافظاً و محدّثاً . و كان يسكن بلاد الشام و هو صاحب السمعانيّ مؤلّف كتاب «الأنساب» . ولد في دمشق سنة 499 ه . و توفّى سنة 571 ه . روى هذا الحديث بسلسلة سنده عن أبي عليّ المُقري ، عن أنس .
و ليس هناك من اختلاف في ألفاظ هذا الحديث إلّا في بعض الجزئيّات التي أشرنا إليها في الهامش .
الوَضوء بفتح الواو هو الماء الذى يُتَوضّأُ بِهِ . الأمير بمعنى الشخص الآمر و الرئيس . السيّد و هو الكبير و ذوالسيادة .
و أمّا قائد الغُرّ المُحَجّلِينَ . يقول في «شرح القاموس» : الغُرّة و الغُرغُرة بضمّهما بياضٌ في الجبهة . و فَرَسٌ أغَرّ على وزن أحْمَر و غَرّاء على وزن حَمراء وصف للفرس . و الاَغَرّ على وزن الأحْمَر الأبيض من كلّ شي . و يقول أيضاً : الحُجْلَة محرّكة كالقُبّة ، و موضع يزيّن بالثياب والستور ، و الأسِرّة للعروس . إلى أن يقول : حَجّلَها تَحْجيلاً من باب التفعيل اتّخذ لها حجلةً أو أدخلها فيها . ثمّ يقول : و التَحجيل من باب التفعيل بياض يكون في قوائم الفرس كلّها … و الفرس محجول على وزن منصور ، و مُحَجّل على وزن مُعَظّم .
و يقول في «مجمع البحرين» : و في حديث عليّ عليه السلام «قائدُ الغُرّ الْمُحَجّلِينَ» أي : مواضع الوضوء من الأيدي و الأقدام ، إذا دُعوا على رؤوس الأشهاد أو إلى الجنّة كانوا على هذا النهج ، استعار أثر الوضوء في الوجه و اليدين و الرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس و يديه و رِجليه .
و يقول في «المصباح المنير» اَلْحَجْلُ : اَلَخِلخالُ بكسرالخاء و الفتح لغة . و يسمّى القيد حجلاً على الاستعارة ، و الجمع حُجول و أحجال مثل حَمل و حُمول و أَحمال . و فرسٌ مُحَجّل و هو الذي ابيضّت قوائمه . وجاور البياض الأرساغ إلى نصف الوظيف و نحو ذلك . و ذلك موضع التحجيل فيه . والتحجيل في الوضوء غسل بعض العضد و غسل بعض الساق مع غسل اليد و الرجل .
و يقول ابن الأثير في «النهاية» : في صفة الخيل : «خَيرُ الْخَيلِ الأَقْرَحُ الْمُحَجّلُ» هُوَ الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الأسارغ و لا يجاوز الركبتين لأنّهما مواضع الأحجال و هي الخلاخيل و القيود ، و لا يكون التحجيل باليد و اليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان . و منه الحديث : «أُمّتِيَ الْغُرّ المُحَجّلُونَ» أي : بيض مواضع الوضوء من الأيدي و الوجه و الأقدام . استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين و الرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس و يديه و رِجليه .
و يقول في «لسان العرب» أوّلاً : و الحُجلة مثل القُبّة ، وَ حَجَلة العروس معروفة . و هي بيت يزيّن بالثياب ، و الأَسِرّة و الستُور ، و منه «اعْرُوا النّساءَ يَلزِمْنَ الْحِجَالَ» ، و حَجّلَ العروس : اتّخَذَ لها حَجَلَةً . ثمّ نقل عبارة بن الأثير السابقة نفسها .
في ضوء ما تقدّم . فإنّ معنى قائد الغُرّ المُحَجّلِينَ هو أحد شيئين :أمّا الغُرّ بمعنى أصحاب الجباه البيض . و المُحَجّلونَ بمعنى أصحاب الأيدي و الأقدام البيضاء ، و في هذا كناية عن نورانيّة وجوه المتوضّئين و أيديهم و أقدامهم التي تألّقت في عوالم المعنى فأضاءت بنورها مسافة و أمير المؤمنين قائد الناس النورانيّين و الأطهار إلى عوالم القدس و الطهارة و عوالم النور . أو أنّ الغُرّ بمعنى النورانيّين ، و المُحَجّلين بمعنى المُبَوّئين في الغرف ، فهو قائد المؤمنين إلى غرف الجنّة حيث الأمن و الأمان والهدوء و السكينة .
و الشاهد على المعنى الأوّل هو أنّه ذكر لفظ المُحَجّلِين مع لفظ الغُرّ ولمّا كان التَحجيل هو البياض في يَدَي الفرس و رجليه ، و الغُرّة هي البياض في جبهته ، فسيتّضح لنا تماماً تشبيه المتوضّئين الذين تضي مواضعهم الخمسة و هي الوجه و اليدان و الرِجلان . بالخيول التي يكون البياض في وجوهها و أيديها و أرجلها . و أمّا الشاهد على المعنى الثاني فهو أنّ إحدى درجات الجنّة هي الغُرُفات الآمنة و الحجلات المطمئنّة ، كما نلحظ ذلك في قوله تعالى :
وَالّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصّلِحَتِ لَنُبَوّئَنّهُم مِنَ الْجَنّةِ غُرَفاً . (21)
و قوله أيضاً :
لَكِنِ الّذِينَ اتّقَوْا رَبّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ . (22)
و قوله كذلك :
وَ هُمْ فِى الْغُرُفَتِ ءَامِنُونَ . (23)
و قوله بعد تعداده أربع عشرة صفة من صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان :
أولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَ يُلَقّوْنَ فِيهَا تَحِيّةً وَ سَلَماً . (24)
و أمّا معنى خاتم الوصيّين فهو كمعنى خاتم النبيّين ؛ لأنّ خاتَم وخاتِم بالفتح و الكسر هو ما تختم به الرسالة لكي تبقي محفوظة من التزوير . و جاء في «شرح القاموس» : و الخِتَام ككِتاب الطينُ يختمَ به على الشيء ، و الخاتِم على وزن الكامِل ما يوضع على الطينة ليختم به والخاتم حليّ للإصبع مثل الخاتَم بالفتح … إلى أن يقول : يقول المصنّف : الخاتِم ـ بكسر التاء ـ اسم فاعل بمعنى الذي يختم ، و الخاتَم ـ بفتح التاء ـ و الخاتام و الخَيتام . اسم الحليّ و غيرها يختم بها ، و تُلبس في اليد .
و يقول ابن الأثير في «النهاية»«آمين ، خاتَمُ رَبّ الْعَالَمِينَ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤمِنِينَ» . قِيل : معناه طابَعُهُ و علامتُه التي تدفع عنهم الأعراض والعاهات ؛ لأنّ خاتم الكتاب يصونه و يمنع الناظرين عمّا في باطنه ؛ وتفتح تاؤه و تكسر لُغَتان . و جاء مثل هذا المعنى في «لسان العرب» أيضاً . و في ضَوُء ذلك فإنّ الخاتِمَ أو الخاتَمَ يعني الآخِر . و إذا قَرَأنا (خاتِم) بالكسر بمعنى اسم الفاعل ، فهو خاتِم أوصياء الأنبياء . و إذا كان بالكسر أو بالفتح بمعنى ما يُختَمُ بِهِ فَهو ذلك الختم الذي يضرب على الطغراء الخاصّة بصحيفة الأوصياء ، و قد ختمت بواسطة وجود الوصيّ المبارك . (25)
و أمّا يَعسوب الدين الذي رواه ابن أبي الحديد أيضاً فهو كما ذكرنا سابقاً أمير النحل و ذَكَرها الذي يتولّى رئاسة الخليّة ، و يعسوب الدين كناية عن مقام الرئاسة و السيادة و الحكومة الذي كان لأمير المؤمنين في جميع الشؤون الدينيّة .
و أمّاالمرحلة الثانية : التي تخصّ دلالة الحديث . فقد صلّى رسول الله صلّى الله عليه و آله ركعتين ، و ليس لنا علم بحالاته في تلك الصلاة ، و نزول جبرئيل ، و مشاهدته عوالم الملكوت و مقامات أمير المؤمنين ، و هو نفسه لم يصرّح لنا بشىء عن ذلك ، بَيدَ أنّ كلّ ما نعلمه هو أنّه قال لأنس بعد الصلاة : أوّل من يدخل هو سيّد المسلمين وأمير المؤمنين و خاتم الوصيّين . و لمّا دخل أمير المؤمنين عليه السلام قام بذلك الوضع العجيب كشخص وجد ضالّته و ظفر بمعشوقة و محبوبه فاعتنقه و مسح وجهه بوجهه ، و مسح عرقه بوجهه بحيث إنّ أمير المؤمنين نفسه تعجّب ممّا صنعه رسول الله من عمل لم يعهده من قبل ، فقال متحيّراً : يا رسول الله ! لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعت لي من قبل ، فأشار صلّى الله عليه و آله إلى مقامات الإمام . و قال : أنت تؤدّي عنّي و تنجز عداتي ، و تُسمِعُ الناس صوت التوحيد و نداء الإسلام الصادر عنّي ، و أنت الذي إذا نشبت نار الفتن و الاضطرابات بعدي ، تشقّ للناس طريقهم من بين لجج الهوى و الهوس العميقة لتكون كموج النور المتألّق و الحقيقة الساطعة في دياجير الجهل و غياهب الشهوات ، فتوضّح لهم الحقيقة ، وكأنّ رسول الله كان يرى أنّ ما يحاك بعده من دسائس سيؤدّي بالإسلام وينسفه من الأساس ، و ستعود الصنميّة الجاهليّة إلى الناس بشكل آخر . ويتّضح صدق كلامنا جيّداً من خلال سياسة الخلفاء الذين جاءوا بعد النبيّ صلّى الله عليه و آله و الأُسلوب الذي انتهجه معاوية و ولده يزيد . و يتبيّن لنا من خطب «نهج البلاغة» و خطبة سيّد الشهداء عليه السلام بمِنَى أواخر عصر معاوية . و كذلك بقيّة خطبه عليه السلام و كلماته ، أنّ الخلفاء أفرغوا الإسلام من محتواه ، و تركوه بلا رمق و لا روح . (26)
و لمّا كان رسول الله يعلم بأنّ الشخص الوحيد الذي يدافع عن الحقّ و يؤدّي دَين الرسالة ، و ينجز عهود الله و رسوله ، و يقرع أسماع أهل العالم بنداء التوحيد المتمثّل بلا إله إلّا الله وَحْدَهُ وَحْدَهُ و معنى قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَد ، هو أمير المؤمنين و حسب ، و أنّه الشخص الوحيد الذي انبثق عن أصل التوحيد مع رسول الله ، و حاز على أعلى الدرجات و أرفع المقامات في دَرْك الحقيقة و المعارف الإلهيّة و الفناء في الذات الأحديّة ، (27) لذلك فهو يقول في جواب أمير المؤمنين : لِمَ لا أُحبّكَ و لا أعتنقك ، و لا أمسح عرق وجهك الجميل بوجهي ؟ أنتَ روحي التي بين جنَبي ، و أنت حقيقتي وأنت الرافع راية العدل و التوحيد . و الحارس الأمين لدين الله و سنّتي وأنت ناصري و معيني في أحلك الظروف و أخطر العقبات ، و أنت النتيجة المتولّدة عن رسالتي . و أنت الامتداد لنبوّتي و الحافظ لشريعة الله بين شرائح الناس المختلفة حتّى يوم القيامة ، و أنت المرسّخ شجرة التوحيد وولايتي .
أجل ، فإنّ صدر هذا الحديث و ذيله معاً شاهدا صدقٍ صريح على خلافة مولى المتّقين و إمارته و وصايته .
أوّلاً : لفظ أمير المؤمنين ، و هو بمعنى الحاكم و المهيمن على جميع المؤمنين .
و ثانياً : سيّد المسلمين .
و ثالثاً : قائد الغرّ المُحجّلين و هو بمعنى الإمام و الدليل و الرائد .
و رابعاً : لفظ خاتم الوصيّين ، و هو أكثر صراحة من جميع تلك الألقاب ؛ إذ يدلّ على مقام وصايته في جميع شؤون النبوّة وفقاً لوصاية أوصياء الأنبياء السابقين ، بل هو أعلى منهم و أشرف .
و كذلك أداء العهود و ديون رسول الله ، و إبلاغ صوته ، و تبيين الإختلافات و المشاجرات بعده ، كلّ أُولئك نابع عن مقام الولاية و حسب و لذلك عدّوا هذا الحديث ـ كما ذكرنا ـ من النصوص الصريحة على وصاية أمير المؤمنين و خلافته ، و قد رووه بألفاظ متقاربة و أسانيد أُخرى أيضاً .
روى البحرانيّ في «غاية المرام» ص 19 (28) و كذلك في «المناقب الصغير» تحت عنوان «عليّ و السنّة» (29) عن «مناقب» ابن مردويه عن أنس أنّه قَالَ :
كَانَ النَبِيّ في بَيْتِ أُمّ حَبِيبَةَ بِنتِ أبي سُفيَانَ ، فَقَالَ : يَا أُمّ حَبِيبَةَ ! اعْتَزِلينا فَأنَا عَلى حاجَةٍ ، ثُمّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَأحسَنَ الوُضُوءَ ثُمّ قالَ : إِنّ أَوّلَ مَن يَدْخُلُ مِن هَذا البَابِ أميرُ المؤمِنِينَ وَ سَيّدُ الْعَرَبِ وَ خَيْرُ الوَصِيّينَ وَأَولَى النّاسِ بِالنّاسِ . قَالَ أَنَسٌ : فَجَعَلتُ أَقُولُ : اللَهُمّ اجْعَلْهُ رَجُلاً مِنَ الأَنصَارِ . قَالَ فَدَخَلَ عَلِيّ فَجاءَ يَمشِي حَتّى جَلَسَ إِلَى جَنبِ النّبِيّ (رَسُولِ اللَهِ فِي نسخة المناقب) فَجَعَلَ (رَسُولُ اللَهِ في نسخة المناقب) يَمسَحُ وَجهَهُ بِيَدِهِ ثُمّ يَمسَحُ بِهَا وَجهَ عَلِيّ بنِ أَبي طالِبٍ ، فَقَالَ عَلِيّ : وَ مَا ذَاكَ يا رَسُولَ اللهِ !؟ قالَ : إِنّكَ تُبَلّغُ رِسَالَتِي مِن بَعْدِي وَ تُؤَدّي عَنّي وَتُسمِعُ النّاسَ صَوتِي وَ تُعَلّمُ النّاسَ مِن كِتابِ اللَهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ .
و روى البحرانيّ أيضاً في ص 20 ، (30) و في «المناقب الصغير» (31) كذلك بإسناده عن «مناقب» ابن مَردويه عن أنس أنّه قَالَ بَينَا (بَينمَا في نسخة المناقب)
أَنَا عِندَ النّبِيّ (رَسُولِ اللهِ ، المناقب) إذ قالَ : الآنَ يَدخُلُ سَيّدُ الْمُسلِمِينَ وَ أَمِيرُ المؤمِنِينَ وَ خَيرُ الوَصِيّينَ وَ أَولَى النّاسِ بِالمؤمِنِينَ (بالنّاسِ ، المناقب) إذ طَلَعَ عَلِيّ بنُ أَبي طالِبٍ ، فَقَامَ النّبِيّ (فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ : اللَهُمَ ! وَالِ مَن وَالَاهُ . وَ قَالَ : فَجَلَسَ بَينَ يَدي رَسُولِ اللَهِ ، المناقب) فَأَخَذَ يَمسَحُ الْعَرَقَ عَن جَبهَتِهِ وَ وَجهِهِ وَ يَمسَحُ بِهِ وَجْهَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَ يَمسَحُ الْعَرَقَ عَن وَجهِ عَلِيّ وَ يَمسَحُ بِهِ وَجهَهُ . فَقَالَ لَهُ عَلِيّ : يا رَسُولَ اللهِ ! نَزَلَ فِيّ شَيءٌ ؟ قالَ : أما تَرْضَى أن تَكُونَ مِنّي بِمَنْزِلَةِ هَارونَ مِن مُوسَى إلّا أَنّهُ لَا نَبِيّ بَعْدِي ؟ أَنتَ أَخِي وَ وَزيري وَ خَيْرُ مَن أُخَلّفُهُ (أُخَلّفُ ، المناقب) بَعْدِي تَقْضِي دَيْنِي وَ تُنجِزُ مَوعِدِي وَ تُبَيّنُ لَهُمْ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ بَعْدِي وَ تُعَلّمُهُمْ مِن تَأوِيلِ القُرآنِ ما لَم يَعْلَمُوا ، وَتُجَاهِدُهُمْ عَلَى التّأوِيلِ كمَا جاهَدتُهُمْ عَلَى التّنزِيلِ .
و روى أيضاً في «غاية المرام» ص 19 ، عن ابن عبّاس عن أنس أنّه (32) قالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ : يَا أنَسُ ! اسكُب لِي وَضُوءاً أو ماءً ، فَتَوضّى ثُمّ انصَرَفَ ، فَقَالَ : يَا أَنَسُ ! مَن يَدخُلُ عَلَيَّ الْيَوْمَ أَميرُ المُؤمِنِينَ وَ سَيّدُ المُسلِمِينَ وَ خَاتَمُ الوَصِيّينَ وَ إمَامُ الغُرّ المُحَجّلِينَ ، فَجاءَ عَلِيّ حَتّى ضَرَبَ البَابَ فَقَالَ : مَن هَذَا يَا أَنَسُ ؛ فَقُلْتُ : هَذَا عَلِيّ بْنُ أَبي طالِبٍ قَالَ : افتَحْ لَهُ البَابَ .
و يقول في ص 20. (33)
وَ من المنَاقِبِ عَن أَنَسٍ قَالَ : كُنتُ خَادِماً لِلنّبِيّ ، فَبَيْنَما أنَا يَوْماً أَوَضّيهِ إذْ قَالَ : يَدخُلُ رَجُلٌ وَ هُوَ أَميرُ المؤمِنِينَ وَ سَيّدُالوَصِيّينَ وَ أَوْلَى النّاسِ بِالمؤمِنِينَ وَ قَائِدُ الغُرّ المُحَجّلِينَ ، قَالَ : اللَهُمّ ! اجْعَلهُ رَجُلاً مِنَ الأنصارِ ، فَإذَا هُوَ عَلِيّ بنُ أَبِي طالِبٍ .
و يقول في الصفحة نفسها أيضاً : (34)
عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ : قَالَ : بَيْنَا النّبِيّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ إذ قَالَ : يَطْلُعُ الآنَ ، قُلتُ : فِدَاكَ أَبِي وَ أُمّي مَن ذا ؟ قال : سَيّدُ الْمُسلِمِينَ وَ أَمِيرُ المؤمِنِينَ وَ خَيرُ الوَصِيّينَ وَ أَولَى النّاسِ بِالنّبِيّينَ ، قالَ : فَطَلَعَ عَلِيّ ، ثُمّ قَالَ لِعَليّ : [أَمَا تَرضَى] أن تَكُونَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هَارون مِنْ مُوسَى .
و من الأخبار الدالّة على وصايته عليه السلام خبر كلام الله تعالى مع رسوله عند سدرة المنتهى حول أمير المؤمنين ؛ إذ بيّن فيه الباري سبحانه مقامات الإمام عليه السلام ثمّ قال النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم :إنّهُ سَيَخُصّهُ بِالْبَلاءِ .
لقد نقلت هذه الرواية بسندين : أحدهما : عن أمير المؤمنين عليه السلام نفسه ، و الثاني : عن أبي بَرزة الأَسلَميّ . و نحن هنا ننقل الروايتين بخصوصيّتهما عن طريق العامّة .
أمّا الرواية الأُولى فقد نقلها الموفّق بن أحمد الخوارزميّ [حسب نقل كتاب «عليّّ و الوصيّة» ص 19] في كتاب «المناقب» ص 240 طبع إيران بإسناده عن غالب الجُهَنِيّ عن أبي جعفر ، عن أجداده ،
عن أمير المؤمنين عليهم السلام عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم : قَالَ النّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلهِ وَ سَلّمَ : لَمّا أُسرِيَ بِي إِلَى السّمَاءِ ثُمّ مِنَ السّمَاءِ إلَى سِدرَةِ المُنَتَهى ، وَقَفْتُ بَينَ يَدَي رَبّي عَزّ وَجلّ فَقَالَ لِي : يَا مُحَمّدُ ؛ قُلتُ : لَبّيك وَسَعْدَيكَ ، قَالَ : قَد بَلَوتُ خَلقِي فَأَيّهُمْ رَأَيتَ أَطوَعَ لَكَ ؟ قَالَ : قُلتُ : يَا رَبّي ؛ عَلِيّاً ، قَالَ : صَدَقتَ يَا مُحَمّدُ ؛ فَهَلِ اتَخّذْتَ لِنَفسِكَ خَلِيفَةً يُؤَدّي عَنكَ وَ يُعَلّمُ عِبَادِي مِن كِتَابِي مَا لَا يَعْلَمُونَ ؟ قَالَ : قُلتُ : يَا رَبّ ؛ اختَر لِي فَإنّ خِيَرَتَكَ خِيَرَتِي ، قَالَ : اخْتَرْتُ عَلِيّاً فَاتّخِذْهُ لِنَفْسِكَ خَلِيفَةً وَ وَصِيّاً ، ونَحَلتُهُ عِلمِي وَ حِلمِي ، وَ هُوَ أَميرُ المؤمِنِينَ حَقّاً ، لَم يَنَلْهَا أَحَدٌ قَبلَهُ وَلَيسَتْ لِأحَدٍ بَعدَهُ . يَا مُحَمّدُ ! عَلِيّ رايَةُ الهُدى وَ إمَامُ مَنْ أَطاعَنِي وَ نُورُ أَولِيائِي ، وَ هُوَ الكَلِمَةُ الّتِي أَلْزَمْتُهَا المُتّقِينَ ، مَن أَحَبّهُ فَقَد أَحَبّنِي ، وَ مَن أَبغَضَهُ فَقَد أَبْغَضَنِي ، فَبَشّرهُ يَا مُحَمّدُ بِذَلِكَ . فَقَالَ : أَنَا عَبدُ اللهِ وَ فِي قَبضَتِهِ ، إن يُعاقِبنِي فَبِذُنُوبِي لَم يَظلِمَنِي شَيئاً ، وَ إِن تَمّمَ لِي وَ عْدِي فَإِنّهُ مَولَايَ ، قَالَ : أَجَل ، قالَ : قُلتُ : يَا رَبّ ! فَاجْلِ قَلبَهُ وَاجْعَلْ رَبيعَهُ الإيمَانَ . قَالَ : قَد فَعَلتُ ذَلِكَ بِهِ يَا مُحَمّدُ غَيرَ أَنّي مُختَصّ لَهُ بِشَيْءٍ مِنَ البَلاءِ لَمْ أَخُصّ بِهِ أَحَداً مِن أَولِيائِي . قَالَ قُلتُ يَا رَبّ ؛ أَخِي وَ صَاحِبي ! قَالَ : قَد سَبَقَ فِي عِلْمِي أَنّهُ مُبتَلىً ، لَوْلَا عَلِيّ لَمْ يُعرَفْ حِزْبِي وَ لَا أَولِيائي وَ لَا أَولِياءُ رُسُلِي .
و ذكر البحرانيّ هذا الحديث أيضاً في «غاية المرام» ص 34 تحت عنوان : الحديث الثامن عشر عن الموفّق بن أحمد الخوارزميّ ، و ليس هناك أيّ اختلاف بينه و بين حديث الخوارزميّ إلّا في جملة غَيرَ أَنّي مُختَصّ لَهُ بِشيءٍ مِنَ البَلاءِ ، فَقد ذكرها كمايليّ : غَيْرَ أَنّي مُشَخّصُهُ بِشيْءٍ مِنَ البَلاءِ .
وَ أمّا رواية أبي برزة الأسلميّ فهي نفس هذه الرواية باسقاط صدرها و ذيلها . و نحن هنا ننقلها عن «حلية الأولياء» للحافظ أبي نعيم الأصفهانيّ في الجزء الأوّل ص 66 ثمّ نتحدّث حولها .
يروي أبونعيم بسنده عن أبي برزة أنّه قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللَهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ : إنّ اللهَ عَهِدَ اِلَيّ عَهداً في عَلِيّ فَقُلْتُ : يَا رَبّ ! بَيّنْهُ لِي . فَقَالَ : اسمَعْ ، فَقُلتُ : سَمِعْتُ . فَقَالَ : إِنّ عَلِيّاً رايَةُ الهُدى وَ إمامُ أوْلِيائي وَ نُورُ مَنْ أَطاعَنِي وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الّتي أَلزَمْتُها المُتّقِينَ ، مَن أَحَبّهُ أَحَبّنِي ، وَ مَن أَبغَضَهُ أَبغَضَنِي ، فَبَشّرْهُ بِذَلِكَ . فَجَاءَ عَلِيّ فَبَشّرْتُهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا عَبدُ اللهِ وَ فِي قَبضَتِهِ فَإنْ يُعَذّبْنِي فَبِذَنْبِي . وَ إن يُتِمّ لِيَ الّذِي بَشّرْتَنِي بِهِ فَاللهُ أَوْلَى بِي . قَالَ : قُلتُ : اللَهُمّ ! اجْلِ قَلبَهُ وَ اجْعَلْ رَبِيعَهُ الإيمانَ . فَقَالَ اللَهُ : قَد فَعَلْتُ بِهِ ذَلِكَ . ثُمّ إِنّهُ رَفَعَ إِلَيّ أَنّهُ سَيَخُصّهُ مِنَ البَلاءِ بِشيْءٍ لَمْ يَخُصّ بِهِ أَحَداً مِنْ أَصحَابِي . فَقُلتُ : يا رَبّ ؛ أَخِي وَصاحِبي ! فَقَالَ : إِنّ هَذَا شَيءٌ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِي أَنّهُ مُبْتَلىً وَ مُبتَلىً بِهِ .
و نقل محمّد بن طلحة الشافعيّ في «مطالب السؤول» ص 21 هذه الرواية بنفس ألفاظها عن الحافظ أبي نعيم . و روى ابن أبي الحديد المعتزليّ في «شرح نهج البلاغه» ج 2 ص 449 ، (35) و في الحديث الثالث وعن الحافظ أبي نعيم أيضاً عند نقله أربعه و عشرين حديثاً في فضائل أمير المؤمنين . في ذيل كلامه : قَد خَاضُوا بِحارَ الْفِتَنِ وَ أَخَذُوا بِالْبِدَعِ دُونَ السّنَنِ …إلخ . علماً أنّ عبارة ابن أبي الحديد في نقل الرواية هي نفس عبارة أبي نعيم الّتي نقلناها عن «حلية الأولياء» .
لكنّ الشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ عندما ينقل هذه الرواية عن أبي نعيم في ثلاثة مواضع من كتابه «ينابيع المودّة» فإنّه يذكر لفظ يا رَبّ إنّهُ أَخي وَ وَصِيّي بدل لفظ يا رَبّ إنّهُ أَخي وَ صاحبِي في جميع تلك المواضع على الصفحات 78 و 79 و 134 من كتابه .
لذلك لايعلم على وجه الحقيقة هل أنّ كلمة وَصِيّي كانت موجودة في «الحلية» و نقلها القندوزيّ نفسها ، ثمّ حذفت من «الحلية» في طبعاتها المتأخّرة . أو أنّها نقلت عن «الحلية» بقسمين . أحدهما فيه كلمة صاحبي كما نقل ذلك عنها ابن أبي الحديد . و محمّد بن طلحة ، و الثاني فيه كلمة وَصِيّتِي كما نقلها القندوزيّ في المواضع الثلاثة جميعها من كتابه .
و الشاهد على الرواية الأُولي ما نقلناه بكلمة صاحبِي عن «مناقب» الخوارزميّ و «غاية المرام» .
الشاهد على الرواية الثانية كلامه تعالى : فَاتّخِذْهُ لِنَفْسِكَ خَلِيفَةً وَوَصِيّاً . كما جاءَ فِي صدر رواية «المناقب» للخوارزميّ ، و «غاية المرام» .
و منها الأحاديث التي تدلّ على أنّ الإيمان متوقّف على التوحيد و النبوّة ، و الولاية ، نحو الحديث الذي يرويه سليمان القندوزيّ في «ينابيع المودّة» ص 248 عن المير سيّد علي الهمدانيّ الشافعيّ في كتاب «مودّة القربيّ» ضمن المودّة الرابعة . عن عُتبة بن عامر الجُهَنيّ أنّه قَال : بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ [وَ آلِهِ] وَ سلّمَ عَلَى قَوْلِ أَن لَا إِلَهَ إِلّا اللَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنّ مُحَمّداً نَبِيّهُ وَ عَلِيّاً وَصِيّهُ ، فَأَيٌ مِنَ الثّلاثَةِ تَرَكْنَاهُ كَفَرْنا . وَقَالَ لَنَا النّبِيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ : أَحِبّوا هَذَا يَعْنِي عَلِيّاً فَإنّ اللَهُ يُحِبّهُ ، وَاسْتَحْيُوا مِنْهُ فَإنّ اللهَ يَسْتَحْيي مِنْهُ .
و يروي أيضاً في «ينابيع المودّة» ص 82 ضمن الباب الخامس عشر عن طلحة بن زيد ، عن الإمام جعفر الصادق ، عن آبائه ،
عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال : قالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ [وَآلِهِ] وَ سَلّمَ : ما قَبَضَ اللهُ نَبِيّاً حَتّى أَمَرَهُ اللهُ أن يُوصِي إِلَى أفضَلِ عَشِيرَتِهِ مِنْ عُصْبَتِهِ ، وَ أَمَرَنِي أنْ أَوْص ٍ إِلَى ابْنِ عَمّكَ عَلِيّ ، أَثبَتْتُهُ فِي الكُتُبِ السّالِفَةِ وَ كَتَبْتُ فِيها أَنّهُ وَصِيّكَ ، وَ عَلَى ذَلِكَ أَخَذْتُ مِيثَاقَ الْخَلاَئِقِ وَ مِيثَاقَ أَنْبِيائِي وَ رُسُلِي ، (36) وَ أَخَذتُ مَواثِيقَهُمْ بِالرّبُوبِيّةِ ، وَ لَكَ يَا مُحَمّدُ بِالنّبُوّةِ ، وَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبي طالِبٍ بالوِلَايَةِ وَالْوَصِيّةِ .
و منها الأحاديث التي تدلّ على أنّ لكلّ نبيّ وارثاً و وصيّاً ، و أنّ وارث رسول الله و وصيّه هو عليّ بن أبي طالب . فقد روى الشيخ سليمان القندوزيّ في «ينابيع المودّة» ص 86 عن «مناقب» الخوارزميّ ، عن مقاتل ابن سليمان عن الإمام جعفر الصادق . عن آبائه ،
عن عليّ بن أبي طالبٍ عليه السلام أنّه قالَ : قالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ : يَا عَلِىّ ؛ أَنتَ مِنّي بِمَنزِلَةِ شَيْثٍ مِن آدَمَ ، وَ بِمَنزِلَةِ سامٍ مِن نُوحٍ ، وَ بِمَنزِلَةِ إسحاق مِن إبراهيمَ كَما قَالَ تَعالى : «وَ وَصّىْ بِهَا إبْرَ هِمُ بَنِيهِ وَ يَعقُوبُ ـ الآية» ، (37) وَ بِمَنزِلَةِ هَارونَ مِن مُوسى ، وَ بِمَنزِلَةِ شَمعُونَ مِن عِيسَى ، وَ أَنتَ وَصِيّي وَ وَارِثي ، وَ أَنتَ أَقْدَمُهُمْ سِلماً وَ أَكثَرُهُمْ عِلماً ، وَ أَوفَرُهُمْ حِلماً وَأشْجَعُهُمْ قَلباً ، وَ أَسْخَاهُمْ كَفّاً ، وَ أَنتَ إِمَامُ أُمّتِي وَ قَسِيمُ الْجَنّةِ وَالنّارِ بِمَحَبّتِكَ يُعْرَفُ الأَبْرَارُ مِنَ الْفُجّارِ وَ يُمَيّزُ بَيْنَ الْمُؤمِنِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَالْكُفّارِ .
يُبين رسول الله في هذا الحديث ، أوّلاً : كان لكلّ نبيّ من الأنبياء السابقين مثل آدم ، و نوح ، و إبراهيم ، و موسى ، عيسى وصيّاً من الأوصياء . و أنا أيضاً نبيّ الله فسيكون لي وصيّاً . و أنت وصيّي يا علي لذلك فإنّ مبدأ الوصاية سنّة إلهيّة ينبغي أن تجري عند جميع الأنبياء ، و أنا أيضاً لا أتخلّف عن هذه السنّة .
و ثانياً : ينبغي أن يكون و صيّ النبيّ أقدم الناس جميعهم إسلاماً و إيماناً ، و أكثرهم علماً ، و أوفرهم حلماً ، و أشجعهم قلباً ، و أسخاهم كَفّاً و لمّا كانت هذه الصفات كلّها مجتمعة فيك يا عليّ ، و أنت أفضل الناس فيها ، فقد جعلك الله إماماً لأُمّتي . و على أساس هذا المعيار الصحيح تعرف الجنّة و النار حيث درجات المؤمنين من أتباعك ، و المتمرّدين على ولايتك ، و سيكون لهم مأوى في أقسامها المختلفة وفقاً لاختلاف درجاتهم . و بمحبّتك يعرف الأبرار من الفجّار ، و يميّز بين المؤمنين و المنافقين و الكفّار .
و في هذا الكتاب نفسه أيضاً ص 248 ضمن المودّة الرابعة من «مودّة القُربى» ينقل السيّد عليّ الشافعيّ الهمدانيّ أنّ أمير المؤمنين عليه السلام يروي عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم قوله :إِنّ اللهَ تَعالى جَعَلَ لِكُلّ نَبِىّ وَصِيّاً ، جَعَلَ شَيْثاً وَصِيّ آدَمَ ، وَ يُوشَعَ وَصِييّ مُوسى ، وَ شَمْعُونَ وَصِييّ عِيسى ، وَ عَلِيّاً وَصِييّ ، وَ وَصِيّي خَيرُ الأوصياءِ فِي البَداءِ ، وَ أَنَا الدّاعِي وَ هُوَ المُضِيءُ .
و في ص 79 منه أيضاً بإسناده عن الموفّق بن أحمد الخوارزميّ بإسناده عن أُمّ سَلَمةَ أنّها قالت :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ [وَ آلِهِ] وَسَلّمَ : إنّ اللهَ اختَارَ مِن كُلّ نَبِيّ وَصِيّاً ، وَ عَلِيّ وَصِييّ فِي عِترَتِي وَ أَهلِ بَيتِي وَأُمّتِي بَعدِي .
يقول القندوزيّ بعد نقل هذا الحديث ، روى الخوارزميّ مثل هذا الحديث أيضاً . و روى شيخ الإسلام الحموينيّ حديث الوصيّة عن عليّ بن موسى عليهما السلام .
و منها ما جاء في كتاب «عليّ و الوصيّة» ص 226 عن كتاب «المناقب» للخوارزميّ بإسناده عن أبي القاسم عبد الله بن محمّد بن عبدالعزيز البغويّ (38) عن حميد الرازيّ ، عن عليّ بن مجاهد ، عن محمّد بن إسحاق ، عن شريك بن عبد الله ، عن أبي ربيعة الإياديّ ، عن ابن بريدة ، عن أبيه بريدة أنّه قال :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلّمَ : لِكُلّ نَبِيّ وَصِيّ و وارِثٌ ، وَ إنّ عَلِيّاً وَصِيّي وَ وَارِثي .
روى محبّ الدين الطبريّ هذا الحديث الشريف ، في «ذخائر العقبى» ص 71 عن «معجم الصحابة» للحافظ أبي القاسم البغويّ عن بريدة . و في «الرياض النضرة» ج 2 ص 178 في باب «ذكر اختصاص أمير المؤمنين بالولاية و الإرث» عن بريدة . و ذكره أيضاً الكنجيّ الشافعيّ في «كفاية الطالب» ص 131 ، و عبد الرَؤوف المناويّ المتوفّى سنة 1031 ه في كتابه «كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق» المطبوع في حاشية الجزء الثاني من «الجامع الصغير» للسيوطيّ ص . 69 و رواه الشيخ سليمان القندوزيّ في «ينابيع المودّة» ص 207 عن «معجم الصحابة» لأبي القاسم البغويّ ، و عن الديلميّ في ص 180 ، و في ص 232 أيضاً عن الديلميّ صاحب كتاب «فردوس الأخبار» ، و في ص 79 عن الموفّق بن أحمد الخوارزميّ . و رواه أيضاً في ص 248 ضمن المودّة الرابعة من كتاب «مودّة القربى» .
و منها : حديث ذكره الحموينيّ في «فرائد السمطين» في الجزء الثاني ، الباب الحادي والثلاثين ، و ذكره العلّامة البحرانيّ في ص 39 تحت عنوان «الحديث السادس و الثلاثون» . و رواه القندوزيّ الحنفيّ في «ينابيع المودّة» ص 441 عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، و هذا الحديث يدور حول مجئ نَعثَل اليهوديّ إلى رسول الله . و سؤاله عن الصفات و الأسماء الإلهيّة ، و استفساره عن أوصياء النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم ، و هذا الحديث مفصّل للغاية ، و نحن هنا نذكر فقرة منه تخصّ الوصيّة .
قالَ (أي : نَعثَلُ اليَهُوديّ) : فَأَخْبِرنِي عَن وَصِيّكَ مَن هُوَ ؟ فَمَا مِن نَبِيّ إلّا وَ لَهُ وَصِيّ . وَ إِنّ نَبِيّنَا مُوسى بنَ عِمرانَ أَوصَى إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ ، فَقَالَ : نَعَم إِنّ وَصِيّي وَالْخَلِيَفَةَ مِن بَعْدِي عَلِيّ بنُ أَبِي طالِبٍ وَ بَعْدَهُ سِبطايَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَتلُوهُ تِسعَةٌ مِن صُلْبِ الحُسَيْنِ أَئِمّةٌ أَبْرَارٌ ـ الحديث . (39)
و من أحاديث الوصيّة ، حديث سلمان الفارسيّ عندما سأل النبيّ قائلاً له : مَن وصيّك ؟ فأجابه : «يا سلمان ؛ تعلمُ مَن وصيّ موسى ؟ فقال : نعم ، يوشع بن نون . فقال صلّى الله عليه و آله : اعلم يا سلمان ؛ إنّ وصيّي ووارثي و أخي و وزيري و خير من أُخلّف بعدي ، ينجز موعدي و يقضي دَيني ، عليّ بن أبي طالب» .
و قد ذكر هذا الحديث كثير من علماء الشيعة و السنّة في كتبهم و صدّقه الكبار من علماء العامّة و شهدوا على صحّته . و لمّا روي هذا الحديث بطرق مختلفة ، و عباراته متباينة فيما بينها إجمالاً . لذلك ننقله هنا نصّاً من الكتب المعتبرة للجمهور .
يروي العلّامة البحرانيّ في مناقبه الصغير الموسومة ب «عليّ و السُنّة» ص 57 عن أبي سعيد الخُدريّ أنّه قال :
إِنّ سَلمانَ قالَ : قُلتُ لِرَسُولِ الله صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ : لِكُلّ نَبِيّ وَصِيّ ، فَمَن وَصِيّكَ ؟ فَسَكَتَ عَنّي فَلَمّا كَانَ بَعدُ رَآنِي ، فَقَالَ : يَا سَلمَانُ ؛ فَأسْرَعْتُ إِلَيهِ وَ قُلتُ : لَبّيكَ ، فَقَالَ : تَعلَمُ مَن وَصِيّ مُوسى ؟ قُلتُ : نَعَمْ ، يُوشَعُ بنُ نُونٍ ، فَقَالَ : لِمَ ؟ قُلتُ : لِأنّهُ أَعلَمَهُمْ يُوْمَئذٍ ، قَالَ : فَإِنّ وَصِيّي وَ مَوضِعَ سِرّي وَ خَيرَ مَن أُخَلّفُ بَعْدِي ، يُنجِزُ مَوعِدي وَ يَقضِي دَينِي ، عَلِيّ بنُ أَبِي طالِبٍ .
يسأل الرسول سلمان في هذا الحديث عن السبب مِن جعل يوشع ابن نون وصيّاً لموسى ، فيجيب : لأنّه كان أعلمهم يومئذٍ ، إنّه يريد هنا أن يوضّح للناس بأنّ وصيّ النبيّ ينبغي أن يكون أعلم الأُمّة جميعها و أفهمها في مسائل الدين و المعارف الإلهيّة و رموز الدين و أسراره . و لذلك يقول : وصيّي و موضع سِرّي و خير من أُخلّف بعدي ، ينجز موعدي ويقضي دَيني ، و يكون أهلاً للاضطلاع بهذه المهمّة الشاقّة ، عليّ بن أبيطالب .
و روى في هذا الكتاب نفسه أيضاً ص 58 عن «المناقب» عن ابن مردويه ، عن أنس ، أنّ سلمان قال : قُلتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ : عَمّن نَأخُذُ بَعْدَكَ وَ بِمَن نَثِقُ ؟ قَالَ : فَسَكَتَ عَنّي حَتّى سَأَلتُ ذَلِكَ عَشْراً ، ثُمّ قَالَ : يا سَلمَانُ ؛ إِنّ وَصِيّي وَ خَلِيفَتِي وَ أَخِي وَ وَزيري وَخَيرَ مَن أُخَلّفُهُ بَعْدِي عَلِيّ بنُ أَبِي طالِبٍ ، يُؤَدّي عَنّي وَ يُنجِزُ مَوعِدي .
و يقول محبّ الدين الطبريّ أيضاً في «الرياض النضرة» ج 2 ، ص 178 بعد حديث بريدة : عَن أَنَسٍ قالَ : قُلنَا لِسَلمانَ : سَلِ النّبِيّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ : مَنْ وَصِيّهُ ؟ فَقَالَ سَلمَانُ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ مَنْ وَصِيّكَ ؟ قَالَ : يَا سَلَمَانُ ؛ مَنْ كانَ وَصِييّ مُوسى ؟ قالَ : يُوشَعُ بنُ نُونٍ قالَ : فَإَنّ وَصِييّ وَ وارِثِي ، يَقْضِي دَينِي وَ يُنجِزُ مَوعِدي عَلِيّ بنُ أَبِيطالِبٍ . ثمّ يقول : خرّج أحمد بن حنبل هذا الحديث في كتابه «المناقب» .
و ذكر سبط بن الجوزيّ هذا الحديث نفسه و بعبارة الطبريّ ذاتها في «التذكرة» ص 26 ، واعتبره حديثاً صحيحاً ، و ردّ على من عدّه حديثاً ضعيفاً . و ملخّص الكلام أنّ السبب الذي دفع البعض أن يضعّفوا هذا الحديث هو وجود إسماعيل بن زيادة في إسناده ، و هو من الذين قدح فيهم الدار قطنيّ . و سبب هذا القدح هو وجود الزيادة في ذيله . هذه الزيادة متمثّلة في الجملة التالية : وَ هُوَ خَيرُ مَن أَترُكُ بَعدِي .
ثمّ يقول : و أمّا الحديث الذي ذكرناه فليس فيه زيادة ، و من نقلناه عن أحمد بن حنبل ، و ليس في سلسلة رواته إسماعيل بن زيادة . و هذا الحديث غير ذلك الحديث .
ولكن محبّ الدين الطبريّ في كتابه الآخر «ذخائر العقبى» ص 71 ذكر فقط ذيل حديث سلمان ، فقال : قالَ : رَوى أَنَسٌ أنّ النّبِيّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ : قالَ : وَصِيّي وَ وارِثي يَقْضي دَيْنِي وَ يُنجِزُ مَوْعِدي عَلِيّ بنُ أَبي طالِبٍ . ثمّ يقول : ذكر أحمد بن حنبل هذا الحديث في «المناقب» .
و ذكر ابن شهرآشوب هذا الحديث أيضاً بسندين في مناقبه ج 1 ، ص . 542
الأوّل : روى عن الطبريّ بإسناده عن سلمان أنّه قال : قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ : يا رَسُولَ ا للهِ ؛ إِنّهُ لَم يَكُن نَبِيّ إلّا وَ لَهُ وَصِيّ ، فَمَنْ وَصِيّكَ ؟ قَالَ : وَصِيّي وَ خَلِيفَتِي فِي أهْلِي وَ خَيرُ مَن أَترُكُ بَعْدِي ، مُؤَدّي دَينِي وَ مُنْجِزُ عِدَاتِي عَلِيُ بنُ أَبِي طَالِبٍ .
الثاني : عن مطير بن خالد عن أنس ، و قيس بن ماناه و عبادة بن عبد الله عن سلمان أنّهما (أي ؛ أنس و سلمان) قالا : قال النّبِيّ : يَا سَلْمانُ ؛ سَأَلتَنِي مَن وَصِيِّي مِن أُمّتِي ، فَهَلْ تَدرِي لِمَن كانَ أَوْصَى إِلِيهِ مُوسَى عَلِيهِ السّلام ؟ قُلتُ : اللهُ وَ رَسُولَهُ أَعْلَمُ . قالَ : أَوصَى إلَى يُوشَعَ لِأنّهُ كَانَ أَعْلَمَ أُمّتِهِ ، وَ وَصِيّي وَ أَعْلَمُ أُمّتِي بَعْدِي عَلِيّ بْنُ أَبِي طالِبٍ .
و يروي الشيخ سليمان القندوزيّ كذلك في الباب الخامس عشر من «ينابيع المودّة» ص 78 عن «مسند» أحمد بن حنبل بإسناده عن أنس بن مالك أنّهُ قالَ : قُلنا لِسَلمانَ : سَلِ النّبيّ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّم : عَن وَصِيّهِ ، فَقَالَ : سَلمانُ : يا رَسُولَ اللهِ ؛ مَن وَصِيّكَ ؟ فَقَالَ : يا سَلمَانُ ؛ مَن وَصِيّ مُوسى ؟ فَقَالَ : يُوشَعُ بنُ نُونٍ . قالَ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّم : وَصِيّي وَ وارِثِي يَقضِي دَيْنِي وَ يُنجِزُ موَعْدي عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ . ثمّ يقول : روى الثعلبيّ حديث الوصيّة بشأن عليّ بن أبي طالب عن البراء بن عازب ، في تفسيره في ذيل الآية الكريمة : وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ . (40)
و روى ابن المغازليّ هذا الحديث بسنده عن ابن عبّاس ، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ ، و بريدة ، و أبي أيّوب الأنصاريّ .
و ذكر في ص 231 من «ينابيع المودّة» أيضاً ، ضمن سبعين منقبة نقلها لأمير المؤمنين هذا الحديث عن أحمد بن حنبل ، عن أنس .
لِكُلّ نَبِيّ وصِيّ
و ينقل أيضاً في ص 253 ضمن المودّة السابعة عن كتاب «مودّة القربى» عن عبد الله بن عمر أنّه قالَ : مَرّ سَلمانُ الفارسِيّ وَ هُوَ يُريدُ أن يَعُودَ رَجُلاً وَ نَحنُ جُلُوسٌ فِي حَلقَةٍ وَ فِينا رَجُلٌ يَقْولُ : لَو شِئْتُ لَأنْبَأتُكُمْ بَأفْضَلِ هَذِهِ الأُمّةِ بَعْدَ نَبِيّها وَ أفْضَلَ مِنْ هَذَيْنِ الرّجُلَيْنِ أَبي بَكرٍ وَ عُمَرَ فَسُئِلَ سَلمَانُ فَقَالَ : أَمَا واللَهِ لَو شِئتُ لَأَنْبَأتُكُمْ بِأفضَلِ هَذِهِ الأُمّةِ بَعدَ نَبِيّها وَ أفْضَلَ مِن هَذَينِ الرّجُلَينِ أَبي بَكرٍ وَ عُمَرَ . ثُمّ مَضَى سَلْمانُ . فَقِيلَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ! مَا قُلْتَ ؟ قَالَ : دَخَلتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّم فِي غَمَراتِ المَوتِ . فَقُلتُ : يا رَسُولَ اللهِ ؛ هَلْ أَوْصَيْتَ ؟ قالَ : يا سَلمَانُ : أَتَدْرِي مَنِ الأوصياءُ ؟ قُلتُ : اللهُ وَ رَسُولُهُ أَعلَمُ . قالَ : آدَمُ وَكانَ وَصِيّهُ شَيثٌ وَ كانَ أفضَلَ مَنْ تَرَكَهُ بَعْدَهُ مِن وُلدِهِ ؛ وَ كانَ وَصِيّ نُوحٍ سامٌ وَ كانَ أَفضَلَ مَن تَرَكَهُ بَعْدَهُ ؛ وَ كانَ وَصِيّ مُوسى يُوشَعُ وَكانَ أَفضَلَ مَن تَرَكَهُ بَعْدَهُ ؛ وَ كَانَ وَصِيَ عِيسَى شَمعُونُ بنُ فَرْخِيا وَ كانَ أفْضَلَ مَن تَرَكَهُ بَعْدَهُ ؛ وَ إِنّي أَوْصَيتُ إِلَى عَلِيّ وَ هُوَ أفْضَلُ مَنْ أَترُكُهُ مِن بَعْدِي .
و ينقل هذا الحديث نفسه في كتاب «عليّ و الوصيّة» في ص 366 عن كتاب «الكوكب الدرّي» للسيّد محمّد صالح الترمذيّ الحنفيّ ص 133 بإسناده عن عمر بن الخطاب . بَيدَ أنّه لم يذكر هذه الفقرة : «فَسُئِلَ سَلمانُ فَقَالَ : أمَا واللهِ لَو شِئتُ لَأَنَبّأتُكُمْ بِأفضَلَ مِن هَذِهِ الأُمّةِ» و أضاف فقرة أُخرى هي «وَ وَصِىّ سُلَيمانَ آصِفُ بنُ بَرخِيا» . و ذكر أيضاً أنّ وصيّ عيسى هو شمعون بن بَرخيا .
و منها : الأخبار التي تدلّ على أنّ الله جعل النبوّة في محمّد و الوصاية في عليّ ، نحو الحديث الوارد في «ينابيع المودّة» ص 256 : عُثْمانُ رَفَعَهُ : خُلِقتُ أَنَا وَ عَلِيّ مِنْ نُورٍ واحِدٍ قَبلَ أن يَخلُقَ اللهُ آدَمَ بِأربَعَةِ آلافِ عامٍ ، فَلَمّا خَلَقَ اللهُ آدَمَ رَكّبَ ذَلِكَ النّورَ فِي صُلبِهِ فَلَمْ يَزَلْ شَيئاً واحِداً حَتّى افتَرَقْنا فِي صُلبِ عَبدِ المُطّلِبِ ، فَفِيّ النُبُوّةُ وَ فِي عَلِيّ الْوَصِيّةُ .
و يقول في هذه الصفحة نفسها أيضاً : عَن عَلِيّ عَلَيهِ السّلام قالَ : قال رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّم : يَا عَلِيّ ؛ خَلَقَنِيَ اللهُ وَ خَلَقَكَ مِن نُورِهِ ، فَلَمّا خَلَقَ آدَمَ عليه السّلامُ أودَعَ ذَلِكَ النّورَ فِي صُلْبِهِ فَلَمْ نَزَلْ أَنَا وَأَنتَ شَيئاً واحِداً ، ثُمّ افْتَرَقنا فِي صُلْبِ عَبد المُطّلِبِ ، فَفِيّ النُبُوّةُ وَالرّسَالةُ ، وَ فِيكَ الوَصِيّةُ وَالإمَامَةُ .
و يقول ابن أبي الحديد (41) في «شرح نهج البلاغة» ج 2 ، ص 450 ؛ الحديث الرابع عشر :
قالَ صلّى اللهُ عَلَيهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلّم : كُنتُ أَنا وَ عَلِيّ نُوراً بَينَ يَدَي اللهِ عَزّ وَجَلّ قَبلَ أن يَخْلُقَ آدَمَ بِأربَعَةَ عَشَرَ أَلفَ عامٍ ، فَلَمّا خَلَقَ آدَمَ ، قَسّمَ ذَلِكَ فِيهِ وَ جَعَلَهُ جُزئَيْنِ فَجُزءٌ أَنَا وَ جُزءٌ عَلِيّ . ثمّ يقول : روى أحمد بن حنبل هذا الحديث في مسنده ، و كذلك رواه في كتاب «فضائل عليّ» .
و ذكر صاحب «الفردوس» هذه الرواية أيضاً ، و نقل فيها فقرة إضافيّة فقال : ثُمّ انتَقَلْنا حَتّى صِرْنَا فِي عَبدِ المُطّلِبِ ، فَكَانَ لِيَ النُبُوّةُ وَلِعَلِيّ الوَصِيّةُ .
و منها : الأخبار التي مفادها أنّ جبرئيل أعلم النبيّ بخبر وصاية أمير المؤمنين ، كما روى الموفّق بن أحمد الخوارزميّ في «المناقب» ص 228 في الفصل التاسع عشر عن محمّد بن أحمد بن شاذان ، و محمّد بن عليّ بن فضل الزّيّات ، عن عليّ بن بديع الماجشونيّ ، عن إسماعيل بن أبان الورّاق ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين عن أبيه عليهم السلام أنّه قالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَ سَلّم : نَزَلَ عَلَيّ جَبْرِئيلُ عَلَيهِ السّلامُ صَبيحَةَ يَوْمٍ فَرِحاً مَسرُوراً مُستَبْشِراً ، فَقُلتُ : حَبيبي مالِي أراكَ فَرِحاً مُستَبْشِراً ؟ فَقَالَ : يا مُحَمّدُ ! وَكَيفَ لَا أَكُونُ فَرِحاً مُستَبشِراً وَ قَد قَرّتَ عَينِي بِما أَكرَمَ اللهُ أَخاكَ وَوَصِيّكَ وَ إمامَ أُمّتِكَ عَلِيّ بنَ أَبِي طالِبٍ عَلَيهِ السّلامُ . فَقُلتُ : وَ بِمَ أَكرَمَ اللهُ أَخي وَ وَصِيّي وَ إمَامَ أُمّتِي ؟ قالَ : بَاهَى اللهُ بِعِبادَتِهِ البارِحَةَ مَلَائكَتَهُ وَحَمَلَةَ عَرشِهِ وَ قَالَ : مَلائكَتِي انْظُرُوا إِلَى حُجّتِي فِي أَرضِي عَلى عِبَادي بَعدَ نَبِيّي مُحَمّدٍ فَقَدْ عَفّرَ خَدّهُ فِيالتّرابِ تَواضُعاً لِعَظَمَتِي ، أُشهِدُكُمْ أَنّهُ إِمَامُ خَلقِي وَ مَولَى بَرِيّتِي .
و نقل القندوزيّ الحنفيّ هذا الحديث الشريف في «ينابيع المودّة» في ص 79 ،و ص 127 عن الخوارزميّ عن غياث بن إبراهيم بنفس السند السابق و باختلاف طفيف .
و روى ابن شهرآشوب في «المناقب» ج 1 ، ص 543 عن عكرمة عن ابن عبّاس أنّ رسول الله صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّم قال : إنّ جَبرِئيلَ نَظَرَ إِلَى عَلِيّ فَقَالَ : هَذَا وَصِيّكَ .
و منها : الأحاديث المأثورة عن النبيّ التي تدلّ على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام وصيّ رسول الله و وزيره و منجز و عده و مؤدّي دينه و خيلفته في أُمّته . و لمّا كانت هذه الأحاديث قد نقلت أيضاً عن كبار العلماء بأسانيد مختلفة مضافاً إلى أنّ نصوصها ليست بعبارة واحدة ، لذلك نحن نتقل كثيراً منها كلّاً على حده مع ذكر مصادرها .
ينقل الحموينيّ في «فرائد السمطين» ج 2 باب 8 حديثاً مفصّلاً بإسناده عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، عن رسول الله . و ممّا جاء فيه : أَمّا عَلِيّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام فَإنّهُ أَخي وَ شَقِيقي وَ صاحِبُ الأمرِ بَعْدي وَ صاحِبُ لِوائي فِي الدّنيا و الآخِرَةِ . وَ صاحِبُ حَوْضِي وَشَفَاعَتِي وَ هُوَ مَوْلى كلّ مُسلِمٍ وَ إمامُ كُلّ مُؤْمِنٍ وَ قائِدُ كُلّ تَقِيّ ، وَ هُوَ وَصِيّي وَخَلِيفَتِي عَلى أَهْلِي وَ أُمّتِي فِي حَيَاتِى وَ بَعْدَ مَوتِي وَ مُحِبّهُ مُحِبّي وَمُبغِضُهُ مُبغِضِي ، وَ بِوِلَايَتِهِ صارَتُ أُمّتِي مَرحُومَةً وَ بِعَداوَتِهِ صَارَتِ المُخالِفَةُ لَهُ مَلعُونَةً .
و روى العلّامة البحرانيّ في كتابه «المناقب الصغير» ص 58 عن كتاب «الوسيلة» المتعلّق بالعلّامة الشيخ أحمد بن فضل بن محمّد بن باكثير المكّيّ الشافعيّ ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَسَلّم أنّه قالَ : إنّ خَلِيلي وَ وَزِيرِي وَ خَلِيفَتِي وَ خَيرَ مَن أَتْرُكُ مِن بَعْدِي يَقضِي دَينِي وَ يُنجِزُ مَوعِدي عَلِيّ بنُ أبي طالِبٍ .
و روى صاحب كتاب «عليّ و الوصيّة» ص 109 عن «مناقب» ابن المغازليّ الشافعيّ بإسناده عن نافع غلام عبد الله بن عمر أنّه قالَ : قُلتُ لاِبْنِ عُمَرَ : مَنْ خَيرُ النّاسِ بَعدَ رَسُولِ اللهِ ؟ قال : ما أنتَ وَ ذَا ، لَا أُمّ لَكَ ؟ ثُمّ اسْتَغْفَرَ اللهَ وَ قَالَ : خَيْرُهُم بَعْدَهُ مَن كَانَ يَحِلّ لَهُ مَا يَحِلّ لَهُ ، وَ يَحْرُمُ عَلَيهِ ما يَحْرُمُ عَلَيهِ . قُلتُ : مَن هُوَ ؟ قَالَ : عَلِيّ بنُ أَبي طالِبٍ ، سَدّ أبوابَ المَسجِدِ وَ تَرَكَ بابَ عَلِيّ وَ قالَ لَهُ : لَكَ فِي هَذا المَسجِدِ ما لِي وَ عَلَيكَ فيهِ مَا عَلَيّ ، وَ أنتَ وارِثِي وَ وَصِيّي تَقْضِي دَيْنِي وَ تُنْجِزُ عِدَاتِي وَ تقتُلُ عَلَى سُنّتِي ، كَذَبَ مَن زَعَمَ أَنّهُ يُبْغِضُكَ وَ يُحِبّنِي .
و روى إبراهيم بن محمّد الحموينيّ أيضاً في «فرائد السمطين» ج 1 الباب 29 بإسناده عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس أنّه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلّم : هَذَا عَلِيّ أميرُ المؤمِنِينَ وَ سَيّدُ المُسلِمِينَ وَ وَصِيّي وَ عيَبَةُ عِلمي وَ بابيَ الّذِي أوتى مِنهُ ، أَخِي في الدّنْيَا والآخِرَةِ ، وَ مَعِي فِي السّنامِ الأعلَى ، يَقتُلُ القاسِطينَ وَالناكِثِينَ والْمارِقِينَ .
و ذكر سبط بن الجوزيّ في «تذكرة الخواصّ» ص 49 رسالة عمرو بن العاص إلى معاوية . و قد فصّل كثيراً في ذكر فضائل عليّ بن أبي طالب . علماً بأنّ عمرو بن العاص لم يكن مخالفاً لأمير المؤمنين في البداية و كما هو واضح من رسالته ، فقد ذكر فيها أُموراً ضدّ معاوية ، لكنّه لم يثبت على موقفه هذا ، فعندما كتب إليه معاوية رسالة أُخرى يستعطفه فيها و يستعينه و ضمّها بوثيقة حكومة مصر ، تجهّز لمساعدة معاوية ، و كلّما حاول ولده و غلامه ردعه عن ذلك ، لم ينفع معه حتّى تحرّك لقتال أمير المؤمنين عليه السلام ملتحقاً بمعاوية .
يقول سبط بن الجوزيّ في ص 49 : قال أهل التواريخ و السِير : لمّا ولي عثمان الخلافة ، لم يلتفت إلى عمرو بن العاص و لا ولّاه ، و عزله عن مصر . و لمّا حصر عثمان ، خرج عمرو بن العاص إلى الشام فنزل فلسطين و كان يؤَلّب على عثمان حتى قُتل .
ذكر فضائل أمير المؤمنين على لسان عمرو بن العاص
قيل لمعاوية أن عمرو بن العاص دويهة العرب فإذا أردت الحكومة و الغلبة على عليّ بن أبي طالب فعليك به ، فكتب إليه يستدعيه إليه ويستعطفه و يعده المواعيد إن هو وافقه على قتال أمير المؤمنين و يذكر ماجرى على عثمان ، فكتب إليه عمرو :
أمّا بَعدُ فَإنّي قرَأْتُ كِتابَكَ وَ فَهمِتُهُ ، فَأمّا ما دَعَوتَنِي إلَيهِ مِن خَلعِ رَبْقَةِ الإسلامِ مِن عُنُقِي وَالتّهَوّنِ مَعَك فِي الضّلاَلَةِ وَ إِعانَتِي إيّاكَ عَلى البَاطِلِ وَاختِراطِ السّيفِ فِي وَجهِ أَميرِالمُؤمِنِينَ عَلِيّ بنِ أَبي طالِبٍ فَهُوَ أَخُو رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ وَوَلِيّهُ وَ وَصِيّهُ وَ وارِثُهُ وَقاضِي دَيْنِهِ وَ مُنجِزُ وَعْدِهِ وَ صِهرُهُ عَلَى ابْنَتِهِ سَيّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ وَ أَبُو السّبْطَيْنِ الْحَسَنِ وَالحُسَينِ سَيّدِي شَبابِ أَهلِ الجَنّةِ .
وَ أمّا قَولُكَ إنّكَ خَلِيفَةُ عُثمَانَ فَقَدْ عُزِلْتَ بِمَوتِهِ وَ زالَتْ خِلاَفَتُكَ وَأَمّا قَولُكَ إنّ أَميرَالمُؤمِنِينَ أشلَى الصّحابَةَ عَلى قَتْلِ عُثْمَانَ فَهُوَ كَذِبٌ وَزُورٌ وَ غَوايَةٌ . وَيْحَكَ يَا مُعاوِيْةُ ! أما عَلِمْتَ أَنّ أَبَا الحَسَنِ بَذَلَ نَفسَهُ لِلَهِ تَعالَى وَ باتَ عَلى فِراشِ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ ، وَ قالَ فِيهِ : مَن كُنتُ مَولَاهُ فَعَليّ مَولاهُ ؟ فَكِتابُكَ لا يَخدَعُ ذا عَقلٍ وَ ذا دِينٍ والسّلامُ .
فلمّا قرأ كتابه ، قال له عُتبة بن أبي سفيان : لا تيْأس منه و رغّبه في الولاية و أشركه في سلطانك . لذلك لمّا أرسل إليه رسالة أُخرى و معها عهده إليه بحكومة مصر ، و لمّا رأى عمرو أنّه سيكون حاكماً لمصر ، مال قلبه إلى معاوية فتحرّك تلقاء الشام لقتال عليّ بن أبي طالب . (42)
إنّ الباعث الذي دفعنا إلى ذكر رسالة عمرو بن العاص هنا هو ما ورد فيها من اعترافه بفضل أمير المؤمنين و اعتباره وصيّ رسول الله ، و وارثه و قاضي دينه و منجز وعده . و وليّ كلّ مؤمن .
و يروي ابن شهرآشوب أيضاً في «المناقب» ج 1 ص 542 عن سفيان الثوريّ ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن سلمان الفارسيّ أنّه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ يَقُولُ : إنّ وَصِيّي وَخَلِيفَتِي وَ خَيْرَ مَن أَتْرُكُ بَعْدِي يُنجِزُ مَوعِدِي وَ يَقضِي دَيْني عَلِيّ بنُ أَبِي طالِبٍ .
و يروي محبّ الدين الطبريّ في «الرياض النضرة» ج 2 ص 178 و في «ذخائر العقبى» ص 71 بإسناده عن أنس ، و كذلك القندوزيّ الحنفيّ في «ينابيع المودّة» ص 208 عن أحمد بن حنبل في مناقبه عن أنس أنّه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ : وصِيّي وَ وَارِثِي يَقْضِي دَينِي وَ يُنجِزُ مَوعِدِي عَلِيّ بنُ أَبِي طالِبٍ .
و يروي القندوزيّ الحنفيّ في ص 133 من «ينابيع المودّة» ضمن حديث ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، أنّ رسول الله قال : يَا عَلِيّ ؛ أنْتَ صَاحِبُ حَوْضي و صَاحِبُ لِوائِي وَ حَبِيبُ قَلبِي وَ وَصِييّ وَ وارِثُ عِلْمِي .
و منها : الأحاديث التي سمّى فيها رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب خاتم الأوصياء ، و خاتم الوصيّين و سيّد الأوصياء و سيّد الوصيّين ، و أفضل الأوصياء .
منها : الحديث الذي نقلناه سابقاً عن «غاية المرام» ص 619 إذ يروي الحموينيّ بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ أنّه كان يوماً مع النبيّ في بعض حيطان المدينة ، إلى أن يقول : فمررنا بنخل ، فصاح النخل : هَذا مُحَمّدٌ سَيّدُ الأنبِياءِ ، وَ هَذا عَلِيّ سَيّدُ الأوصِياءِ وَ أَبُو الأئِمّةِ الطّاهِرِينَ .
و ذكرنا أيضاً روايات كثيرة معروفة بحديث أنس جاء فيها أنّ رسول الله قال لأنس : أَوّلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيكَ مِن هَذَا البَابِ أَميرُ المُؤمنينَ و سَيّدُ المُسْلِمِينَ وَ قائِدُ الْغُرّ الْمُحَجّلِينَ وَ خَاتَمُ الوَصِيّينَ .
و نقلنا أيضاً عن «غاية المرام» ص 621 ، الحديث الثالث و العشرين أنّ ابن شاذان روَى عن طريق العامّة ، عن الإمام الرضا ، عن آبائه ، عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ، أنّهُ سئل ضمن ذلك الحديث : وَ مَا العُروَةُ الوُثْقَى ؟ قالَ : وِلَايَةُ سَيّدِ الْوَصِيّينَ . قيلَ : يا رَسُولَ اللهِ ؛ وَ مَن سَيّدُ الوَصِيّينَ ؟ قَالَ : أَميرُالمؤمِنِينَ … أخِي عَلِيّ بنُ أَبي طالِبٍ .
و ذكرنا أيضاً ضمن حديث المناشدة الذي خاطب فيه أمير المؤمنين ، المسلمين في مسجد النبيّ أيّام عثمان ، أنّ صاحب كتاب «عليّ و الوصيّة» ص 73 نقل عن الحموينيّ في«فرائد السمطين» بإسناده عن سليم بن قيس الهلاليّ أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم : أَنَا أفضَلُ أنبياءِ اللهِ وَ رُسُلِهِ ، وَعَلِيّ ابنُ أَبيطالِبٍ وَصِيّي أفضَلُ الأوصِياء .
و ذكر المناويّ عبدالرؤوف ابن تاج العارفين أيضاً في كتابه «كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق» المطبوع بمصر سنة 1321 ، و كذلك جاء في حاشية «الجامع الصغير» للسيوطيّ في ج 1 ، ص 71 حديث عن الديلميّ صاحب كتاب «فردوس الأخبار» في حرف الألف بإسناده عن أبيذرّ الغفاريّ رحمة الله عليه أنّه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سَلّم وَ هُوَ يُخَاطِبُ أميرَ المؤمِنِينَ عَلِيّ بنَ أبي طالِبٍ عليه السّلامُ : أَنَا خاتَمُ الأنبياءِ و أنْتَ يا عَلِيّ ؛ خاتَمُ الأوصِياءِ .
و روى الشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ في «ينابيع المودّة» ص 79 هذا الحديث الشريف بلفظ آخر عن الحموينيّ في «فرائد السمطين» إذ جاء فيه : قَالَ أَبُوذَرّ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ [وَ آلِهِ] و سَلّم : أَنَا خَاتَمُ النّبِيّينَ ، وَ أنتَ يا عَلِيّ ، خاتَمُ الوَصِيّينَ إلَى يِوْمِ الدّينِ .
و روى القندوزيّ أيضاً في «ينابيع المودّة» ص 80 عن «المناقب» عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عن آبائه عليهم السلام : قَالَ : كانَ عَلِيّ عليه السلام يَرىَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سَلّم قَبْلَ الرّسَالَةِ الضّوءَ وَ يَسْمَعُ الصّوْتَ ، وَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ : لَولَا أَنّي خاتَمُ الْأَنبِياءِ لَكُنْتَ شَرِيكاً فِي النّبوّةِ ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ نَبِيّاً فَإنّكَ وَصِيّ نَبِيّ وَ وارِثُهُ ، بَل أَنتَ سَيّدُ الأوصِياءِ وَ إمامُ الْأتقِياءِ .
وعندما يذكر الحموينيّ أيضاً في آخر الجزء الثاني الباب 61 ، ص 313 من «فرائد السمطين» أحوال الإمام المهديّ قائم آل محمّد عليه السلام فإنّه يقول : عَنْ أَبي مُعاويَةَ ، عَنِ الأعْمَشِ ، عَنْ عَبايَةَ ابنِ رَبْعِيّ ، عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سَلّم : أنَا سَيّدُ النّبِيّينَ وَ عَلِيّ بنُ أبي طالِبٍ سَيّدُ الوَصِيّينَ ، و أَنّ أَوصِيَائِي بَعْدِي اثنا عَشَرَ أَوّلُهُمْ عَلِيّ بنُ أَبي طَالِبٍ وَ آخِرُهُمُ القائمُ الْمَهْدِيّ عَلَيهِمُ السّلامُ .
و روى القندوزيّ الحنفيّ هذا الحديث الشريف أيضاً في «ينابيع المودّة» ص 445 ، عن عَباية بن ربعيّ ، عن جابر ، عن رسول الله ، و في ص 447 ، و ص 487 عن «فرائد السمطين» للحموينيّ بسنده عن عَباية بن ربعيّ ، عن ابن عبّاس ، عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم .
و منها : الأحاديث المتعلّقة بكلام رسول الله مع الصدّيقة الكبرى عند موته ، إذ صرّح فيها بأنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وصيّه ، و أنّه خير الأوصياء . و هذه الأحاديث مهمّة للغاية أيضاً ، و هي تستحقّ الإمعان من وجهه نظر رجال الحديث و العلماء الذين ثبّتوها في كتبهم الموثوقة .
يقول الكنجيّ الشافعيّ في الباب الأوّل ص 55 من كتاب «البيان في أخبار صاحب الزّمان» طبع النجف : أخبرنا السيّد النقيب الكامل مستحضر الدّولة ، سفير الخلافة المعظّمة ، عَلَمُ الهدى ، تاج أُمراء آل رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ، أبوالفتوح المرتضى بن أحمد بن محمّد بن محمّد بن جعفر بن زيد بن جعفر بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن إسحاق بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمّد الباقر بن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسين الشهيد بن الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام عن أبي الفرج يحيى بن محمود الثقفيّ ، عن أبي عليّ الحسن بن أحمد الحدّاد عن الحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهانيّ ، عن الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيّ . و (بسند آخر) أخبرنا الحافظ أبوالحجّاج يوسف بن خليل في حلب عن أبي عبد الله محمّد بن أبي زيد الكرانيّ في أصفهان ، عن فاطمة بنت عبد الله الجوزدانيّة ، عن أبي بكر بن بريدة ، عن الحافظ أبي القاسم الطبرانيّ (الذي تنتهي سلسلة السندين به) ، عن محمّد بن زريق بن جامع المصريّ ، عن هيثم بن حبيب ، عن سفيان بن عيينة ، عن عليّ الهلاليّ ، عن أبيه ، أنّه قال : دَخَلتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سَلّم في شَكاتِهِ الّتي قُبِضَ فِيها فَإذا فاطِمَةُ عليها السّلامُ عِندَ رَأسِهِ . قالَ : فَبَكَتْ حَتّى ارتَفَعَ صَوتُها فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ طَرْفَهُ إلَيها قالَ : حَبِيبَتِي فاطِمَةُ ! مَا الّذِي يُبْكِيكِ ؟ فَقَالَتْ : أخْشَى الضَيْعَةَ مِن بَعْدِكَ . فَقالَ : يَا حَبِيبَتِي ! أَمَا عَلِمَتْ أَنّ اللهَ اطّلَعَ إلَى الْأرْضِ اطّلاعَةً فَاخْتَارَ مِنْها أَباكِ فَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ، ثُمّ اطّلَعَ اطّلاعَةً فَاختَارَ مِنها بَعْلَكِ وَ أوْحَى إلّيّ أن أُنكِحَكِ إيّاهُ ! يا فاطِمَةُ ! وَ نَحنُ أَهلُ بَيتٍ قَد أَعْطانَا اللهُ سَبْعَ خِصالٍ لَم يُعْطِ أَحَداً قَبْلَنا وَ لَا يُعطِي أَحَداً بَعْدَنَا ، أَنَا خاتَمُ النّبِيّينَ وَ أَكْرَمُ النّبِيّينَ عَلَى اللهِ وَأَحَبّ الْمَخلُوقِينَ إلَى اللهِ وَ أَنا أَبُوكِ . وَ وَصِيّي خَيرُ الْأوصِياءِ وَ أَحَبّهُمْ إلَى اللهِ وَهُوَ بَعلُكِ ، وَ مِنّا مَن لَهُ جَناحانِ أخْضَرانِ يَطِيرُ [بِهِما] فِي الْجَنّةِ مَعَ الملائكةِ حَيثُ يَشَاءَ وَ هُوَ ابنُ عَمّ أَبِيكِ وَ أَخُو بَعْلِكِ ، وَ مِنّا سِبطا هَذِهِ الْأُمّةِ وَ هُمَا ابْناكِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَ هُمَا سَيّدا شَبَابِ أهْلِ الْجَنّةِ ، وَأَبُوهُما وَالّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقّ خَيرٌ مِنهما . يا فَاطِمَةُ وَالّذِي بَعَثَنِي بالحَقّ اِنّ مِنْهُما مَهْدِيّ (43) هَذِهِ الأُمّةِ إذا صارَتِ الدّنيا هَرْجاً وَ مَرْجاً، وَ تَظاهَرَتِ الفِتَنُ ، وَتَقَطّعَتِ السّبُلُ ، وَ أغارَ بَعضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَلا كَبِيرٌ يَرحَمُ صَغِيراً ، وَ لَا صَغيرٌ يُؤَقّرُ كَبيراً . يَبعَثُ اللهُ عِندَ ذَلِكَ مِنْهُمَا (44) مَن يَفتَحُ حُصُونَ الضّلاَلَةِ وَقُلُوباً غُلْفاً ، يَقُومُ بِالدّينِ فِي آخِرِ الزّمَانِ كَما قُمْتُ بِهِ فِي أَوّلِ الزّمَانِ ، وَيَمْلَاُ الدّنيَا عَدْلًا كَما مُلِئَت جَوْراً . يا فَاطِمَةُ لَا تَحْزَنِي وَ لَا تَبكي فَإنّ اللهَ أَرحَمُ بِكِ وَ أَرأَفُ عَلَيكِ مِنّي وَ ذَلِكَ لِمكَانِكِ مِنّي وَ مَوقِعِكِ مِن قَلبِي ، وَزَوّجَكِ اللهُ زَوجَكِ وَ هُوَ أَشْرَفُ أَهلِ بَيتِكِ حَسَباً وَ أَكرَمُهُمْ مَنْصَباً وَأَرحَمُهُمْ بِالرّعيّةِ وَ أَعْدَلُهُمْ بِالسّوِيّةِ وَأَبصَرُهُمْ بِالقَضِيّةِ . وَ قَدْ سَأَلتُ رَبّي أَن تَكُوني أَوّلَ مَن يَلْحَقُنِي مِن أَهلِ بَيْتِي . قالَ عَلِيّ عَلَيهِ السّلامُ فَلَمّا قُبِضَ النّبِيّ صَلّى اللَهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ ، لَمْ تَبقَ فاطِمَةُ بَعْدَهُ إلّا خَمسَةً وَسَبعِينَ يَوماً حَتّى ألحَقَها اللهُ بِهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّمَ . (45)
ثمّ يقول الكنجيّ : ذكر صاحب «حلية الأولياء» هذا الحديث بنفس الشكل و الكيفيّة في كتابه المترجم بذكر نعت المهديّ . و ذكره الطبرانيّ شيخ أهل الصنعة أيضاً في معجمه الكبير .
أجل ، فقد ذكر ابن حجر الهيثميّ هذا الحديث في «مجمع الزوائد» ج 9 ص . 165 و ينبغي أن نعلم بأنّ هذا الحديث الشريف حديث صحيح وفقاً لاصطلاح أهل العلم و أهل الجرح و التعديل ، لأنّ الطبرانيّ ذكره في «المعجم الكبير» و هذا أمر معلوم و واضح ، و صرّح الطبرانيّ أيضاً في معجمه الكبير بأنّه لم يجمع إلّا الأحاديث الصحيحة كما يسمّيها ، لذلك فإنّ وصاية أمير المؤمنين عليه السلام تثبت من خلال هذا الحديث وحده . ولو فرضنا عدم وجود نصّ على الوصاية غير هذا الحديث ، فإنّه هو فقط يكفي لإثبات الوصاية ؛ لأنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يصرّح في هذا الحديث أنّ عليّ بن أبي طالب وصيّه ، و أنّه خير الأوصياء الذين كانوا للأنبياء السابقين من لدن آدم أبي البشر حتّى عيسى ابن مريم . و من الثابت أنّ هذه الوصاية لاتحوم حول الشؤون الشخصيّة بل تحوم حول شؤون النبوّة و الخلافة و حكومة المسلمين من كافّة الجهات . و في ضوء ما تقدّم ، فإنّ هذا الحديث الشريف ، من حيث نصّه الصريح على الوصاية ، و من حيث سنده القويّ جدّاً ، يعتبر من الأدلّة على وصاية عليّ بن أبي طالب .
و روى الخوارزميّ أيضاً في مناقبه [نقلاً عن «عليّ و الوصيّة» ص 218] ، ص 67 بسنده عن الأعمش ، عنابن ربعيّ ، عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قال : إنّ النّبِيّ مَرِضَ مَرَضَهُ فَأتَتْهُفاطِمَةُ الزّهرَاء عَلَيْهَاالسّلامُ تَعُودُهُ فَلَمّا رَأَتْ مَا بِرَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سَلّم مِنَ الْجَهْدِ والضّعفِ استَعبَرَتْ فَبَكَتْ حَتّى سَالَ دَمعُها عَلَى خَدّيْهَا ، فَقَالَ لَها رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سَلّم : يا فاطِمَةُ ؛ إنّ لِكَرامَةِ اللهِ عَزّوَجَلّ إيّاكِ زَوّجَكِ مَن أَقْدَمُهُمْ سِلماً ، وَ أَكثَرُهُمْ عِلماً ، وَ أَعظَمُهُمْ حِلماً ، إنّ اللهَ اطّلَعَ إلَى أهْلِ الأرْضِ اطّلاعَةً فَاختَارَني مِنهُم فَبَعَثَنِي نَبِيّاً مُرسَلاً ، ثُمّ اطّلَعَ اطّلاعَةً فَاختَارَ مِنهُمْ بَعْلَكِ ، فَأوحىَ إلَيّ أن أُزَوّجَكِ إِيّاهُ وَاتّخِذُهُ وَصِيّاً وَأَخاً .
و نقل هذا الحديث في «ينابيع المودّة» ص 81 عن الخوارزميّ باختلاف يسير ، ثمّ قال : وَ زادَ ابنُ المَغازِلِيّ : يا فاطمِةُ إنّا أهلُ البَيْتِ أُعْطِينا سَبْعَ خِصالٍ لَم يُعْطَها أَحَدٌ مِنَ الأوّلِينَ وَ لا يُدرِكُها أَحَدٌ مِنَ الآخِرِينَ . مِنّا أفضَلُ الأنبياءِ وَ هُوَ أَبُوكِ ، وَ وَصِيّنا خَيرُ الأوصِياءِ وَ هُوَ بَعلُكِ ، وَ شَهيدُنا خَيرُ الشّهَداءِ وَ هُوَ حَمْزَةُ عَمّكِ ، وَ مِنّا مَن لَهُ جَناحانِ يَطيرُ بِهِما فِي الجَنّةِ حَيثُ يَشاءُ وَ هُوَ جَعفَرٌ ابنُ عَمّكِ ، وَ مِنّا سِبطانِ وَسَيّدا شُبّانِ أَهلِ الجَنّةِ ابْناكِ . والّذِي نَفْسي بِيَدِهِ إنّ مَهدِيّ هَذِهِ الأُمّةِ يُصَلّي عِيسى ابنُ مَريَمَ خَلْفَهُ فَهُوَ مِنْ وُلدِكِ . ثمّ قالَ : وَ زادَ الحموينيّ : يَمْلَأُ الأَرضَ عَدْلاً وَ قِسطاً بَعدَما مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلماً . يا فاطِمةُ ! لَاتَحْزَنِي وَلا تَبكي فَإنّ اللهَ عَزّ وَجَلّ أَرْحَمُ بِكِ وَأَرأفُ عَلَيكِ مِنّي وَ ذَلِكِ لِمَكانِكِ وَ مَوْقِعِكِ مِن قَلْبي . قَد زَوّجَكِ اللهُ زَوجاً وَ هُوَ أَعظَمُهُمْ حَسَباً ، وَ أَكْرَمُهُمْ نَسَباً ، وَ أرحَمُهُمْ بِالرّعِيّةِ ، وَ أَعدَلُهُمْ بِالسّوِيّةِ ، وَ أَبصَرُهُمْ بِالقَضِيّةِ .
و لا يخفى فإنّ مجموع مضامين الفقرات الواردة في رواية الخوارزميّ ، و ابن المغازليّ ، و الحموينيّ الذي نقلنا روايته توّ اً ، هي نفس المضامين الواردة في رواية الكنجيّ الشافعيّ التي رواها بسندَيه عن عليّ الهلاليّ ،عن أبيه (عليّ) باختلاف يسير . و ذكرها الطبرانيّ فيمعجمه الكبير .
و لا يخفى أيضاً أنّ ابن المغازليّ روى حديثاً آخر قريباً من هذه المضامين . يقول في «ينابيع المودّة» ص 436 : وَ نَذْكُرُ ما فِي «المناقب» لابنِ المَغازِلِيّ عَن أَبِي أيّوبِ الأنصاريّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ : إنّ النَبِيّ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سَلّم مَرِضَ فَأتَتْهُ فاطِمَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عنها ـ وَ بَكَتْ فَقالَ : يا فاطِمَةُ ! إنّ لِكَرامَةِ اللهِ إيّاكِ زَوّجَكِ مَن هُوَ أقْدَمُهُمْ سِلْماً وَأَكْثَرُهُمْ عِلْماً . إنّ اللهَ تَعالَى اطّلَعَ إلى أَهلِ الأرضِ اطّلاعَةً فَاخْتَارَنِي مِنهُمْ فَجَعَلَني نَبِيّاً مُرسَلاً ، ثُمّ اطّلَعَ اطّلاعَةً ثانِيَةً فَاخْتارَ مِنهُمْ بَعْلَكِ فَأوحى إِلَيّ أن أُزَوّجَهُ إيّاكِ وَاتّخِذَهُ وَصِيّاً . يا فَاطِمَةُ ! مِنّا خيرُ الأنبِياءِ وَ هُوَ أَبُوكِ ، وَ مِنّا خَيرُ الأُوصِياءِ وَ هُوَ بَعلُكِ ، وَ مِنّا خَيرُ الشّهَداءِ وَ هُوَ حَمزَةُ عَمّ أَبيكِ ، وَمِنّا مَن لَهُ جَناحانِ يَطيرُ بِهِما فِي الجَنّةِ حَيثُ شاءَ وَ هُوَ جَعفَرٌ ابنُ عَمّ أبيكِ وَمِنّا سِبْطا هَذِهِ الأُمّةِ وَ سَيّدا شَبابِ أهلِ الْجَنّةِ الْحَسَنُ وَالْحُسَينُ وَ هُما ابناكِ . وَالّذِي نَفسي بِيَدِهِ مِنّا مَهدِيّ هَذِهِ الأُمّةِ وَ هُوَ مِن وُلدِكِ .
و بعد أن ينقل القندوزيّ هذه الرواية عن ابن المغازليّ ، يقول : خرّج الحموينيّ كذلك هذا الحديث في «فرائد السمطين» .
و في «ينابيع المودّة» ص 434 أيضاً يروي القندوزيّ الحنفيّ عن عَباية بن ربعيّ ، عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ لِفاطَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها : مِنّا خَيرُ الأنبياءِ وَ هُوَ أبُوكِ ، وَ مِنّا خيرُ الأوصياءِ وَ هُوَ بَعلُكِ ، وَ مِنّا خيرُ الشّهَداءِ وَ هُوَ عَمّ أبيكِ حَمزَةُ ، وَ مِنّا مَن لَهُ جَنَاحانِ يَطيرُ بِهِما فِي الجَنّةِ حَيْثُ يَشاءُ وَ هُوَ ابنُ عَمّ أبيكِ جَعفَرٌ ، وَ مِنّا سِبْطا هَذِهِ الْأُمّةِ وَ سَيّدا شَبابِ أهلِ الجَنّةِ الحَسَنُ وَالحُسَينُ وَ هُما ابْنَاكِ ، وَ مِنّا المَهْدِيّ وَهُوَ منْ وُلْدِكِ .
ثمّ يقول : و خرّج الطبرانيّ هذا الحديث في «الأوسط» .
و يذكر ابن صبّاغ المالكيّ أيضاً في«الفصول المهمّة» ص 278 طبع النجف رواية مفصّلة يماثل أغلب عباراتها الرواية المفصّلة التي نقلناها عن الكنجيّ الشافعيّ ، و جاء فيها أنّ رسول الله قال لفاطمة : وَ وَصِيّنا خَيرُ الأوْصياءِ وَ هُوَ بَعْلُكِ .
و يقول المولى على المتّقيّ الحنفيّ أيضاً في «كنز العمّال» ج 6 ص 153 ، الحديث المرقّم 2541 : أَخرَجَ الطّبَرانِيّ فِي «المُعْجَمِ الكَبِير» : أَنّ رَسُولَ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ [وَ آلِهِ] و سَلّم : قَالَ لاِبنَتِهِ فَاطِمَةَ : أَمَا عَلِمْتِ أنّ اللهَ عَزّ وجَلّ اطّلَعَ عَلَى أهلِ الأرْضِ فَاخْتارَ مِنهُم أَباكِ فَبَعَثَهُ نَبِيّاً ، ثُمّ اطّلَعَ الثّانِيَةَ فَاخْتارَ بَعلَكِ فَأوْحَى إلَيّ فَأَنكَحْتُهُ إِيّاكِ وَاتّخَذْتُهُ وَصِيّاً ؟!
و هذا الحديث عينه كالحديث الذي نقله الكنجيّ الشافعيّ في «كفاية الطالب» ص 161 تحت عنوان «تخصيص عليّ بكونه من المختارين عند ربّ العالمين» بإسناده عن الأعمش ، عن عباية بن رَبعيّ ، عن أبي أيّوب الأنصاريّ ، و لا فرق بينه و بين ذلك الحديث إلّا في كلمة واحدة موجودة فيه و غير موجودة في ذلك الحديث و هي : لابنَتِهِ . فقد جاء فيه : قالَ لاِبنَتِهِ فاطِمَةَ ، و جاء هناك : قالَ لِفَاطِمَةَ .
و قصارى القول : إنّ هذا الحديث الشريف الذي نقلناه عن كبار علماء السنّة ، مع ما في فقراته من الاختلاف فيما بينها بَيدَ أنّها تتّفق جميعها على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام وصيّ رسول الله أو أنّه خير الأوصياء و أنّ مقام وصايته منصوص عليه صراحة في هذه الروايات كلّها . و لمّا ذكره الطبرانيّ في معجمه الكبير ، و قال بأنّه لا يذكر إلّا الأحاديث الصحيحة ، لذلك لايبقى أيّ مجال للشبهة و التشكيك في صحّة سنده . و في ضوء ذلك ينبغي عدم الاكتراث بكلام السيوطيّ أو المولى عليّ المتّقيّ في تضعيف عَباية بن ربعيّ على أنّه شيعيّ غالٍ في تشيّعه ، و بالتّالي عدم الأخذ بكلامه ؛ لأنّ عَباية بن ربعيّ كان شيعيّاً معتدلاً غير مغالٍ في تشيّعه ، و من الموالين لأهل البيت ،و كان رجلاً عظيماً للغاية ، و كانت له إمامة الحَرَم وورد مدحه و الثناء عليه في كتب الرجال ، لكنّه و بسبب نقله غالباً الروايات الخاصّة بفضائل أهل البيت و خلافة أمير المؤمنين ووصايته عليه السلام و هذا يتنافى مع أُصول المذهب السنّيّ ، لذلك يتّهمه أمثال المولى عليّ المتّقيّ و جلال الدين السيوطيّ بالغلوّ في تشيّعه ، فلا يأخذوا بأحاديثه . بينما لا تشمّ منه رائحة الغلوّ في أيّ رواية من الروايات التي نقلها . و هذه تهمة باطلة لا مبرّر لها ، و مصدرها واضح لاغبار عليه .
أجل ، فهذه إضمامة من الأحاديث المأثورة عن رسول الله وهيتخصّ كلامه ـ عند مرضه الذي مات فيه ـ لابنته فاطمة بشأن وصاية عليّ بن أبي طالب .
و أمّا في غير ذلك المرض ، فقد نقل الخوارزميّ أيضاً رواية في كتاب «مقتل الحسين» طبع النجف ج 1 ، ص 67 ، جاء فيها : فَاخْتَارَ مِنهُم زَوجَكِ عَلِيّاً فَجَعَلَهَ لِي أَخاً وَ وَصِيّاً .
و جاء في هذا الكتاب في الجزء الأوّل ص 96 منه أيضاً ضمن حديث المعراج أنّ رسول الله قال لأبي سعيد الخدريّ : خاطبني الله بقوله : يا مُحَمّدُ إِنّكَ أفْضَلُ النَبِيّينَ وَ عَلِيّاً أفْضَلُ الوَصِيّينَ .
و منها : الأحاديث التي نقلوها عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم إذ قال : كلّ من انقضّ هذا النجم في داره ، فهو وصيّي ، فكان كلّ واحد يتوقّع أنّ ينقضّ ذلك النجم في داره ، لاسيّما العبّاس بن عبد المطّلب إذ كان يتوقّع ذلك أكثر من الآخرين . لكنّ ذلك النجم انقضّ في منزل عليّ ابن أبي طالب .
و ينبغي أن نعرف بأنّ المقصود من النجم نور خاصّ على شكل نجم يراه الجميع ، كما أنّ بعض أرباب السلوك يشاهدون في بداية أمرهم أنواراً على شكل نجوم .
لقد نقل جمع غفير من علماء الإماميّة هذه الروايات عن علماء العامّة في كتبهم المؤلّفة في التفسير و الحديث و التاريخ . و من بين هؤلاء : العلّامة البحرانيّ في «غاية المرام» إذ نقل في ص 409 منه حديثين عن العامّة ، و في ص 409 حتّى ص 411 نقل أحد عشر حديثاً عن الخاصّة في هذا الموضوع .
نزول النجم الدالّ على الوصاية في بيت أمير المؤمنين
ذكر ابن المغازليّ عليّ بن محمّد الشافعيّ حديثين في هذا المجال .
الأوّل : و هو الحديث الذي ذكره في «المناقب» بإسناده عن أنس بن مالك . و رواه العلّامة البحرانيّ عنه أيضاً في «غاية المرام» ص . 409 (46) عَن أنَسٍ قالَ : انقَضّ كَوكَبٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلّم : فَقَالَ رَسُولُ اللهَ صلّى اللهُ عَلَيهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلّم : مَنِ انْقَضّ هَذَا النّجْمُ فِي دارِهِ فَهُوَ الْخَلِيفَةُ مِن بَعْدِي ، فَنَظَرُوا فَإذا هُوَ قَدِ انقَضّ فِي مَنزِلِ عَلِيّ ، فَأنزَلَ اللهُ تَعالَى : «وَالنّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلّ صاحِبُكُمْ وَ مَا غَوَى * وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلّا وَحْىٌ يُوحَى.» (47)
الثاني : و هو الحديث الذي رواه ابن المغازليّ أيضاً في «المناقب» بإسناده عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس . و روى الكنجيّ الشافعيّ في «كفاية الطالب» ص 131 هذا الحديث نفسه و بإسناده و عباراته ذاتها . و رواه أيضاً ابن عساكر في «تاريخ دمشق الكبير» في الجزء الخاصّ بفضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب . و هذه النسخة لم تطبع بعد و هي موجودة في مكتبات العالم المختلفة . و قد تمّ تصوير النسخة المخطوطة الموجودة في المكتبة الظاهريّة بدمشق . و هذه النسخة المصوّرة مثبتة فعلاً في مكتبة أمير المؤمنين بالنجف الأشرف في الورقة . 101 رواه ابن عساكر بإسناده عن أبي غالب بن البنّاء ، عن ابن عبّاس . و رواه أيضاً العلاّمة البحرانيّ في ص 409 من «غاية المرام» عن ابن المغازليّ . عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ : كُنْتُ جالِساً مَعَ فِتيَةٍ مِن بَني هاشِمٍ عِندَ النّبِيّ صلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّم إذَا انْقَضّ كَوكَبٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَ آلِهِ وَ سَلّم : مَنِ انقَضّ هَذَا النّجمُ فِي مَنزِلِهِ فَهُوَ الوَصِيّ مِن بَعْدِي . فَقَامَ فِتْيَةٌ مِن بَني هاشِمٍ فَنَظَرُوا فَإذا الكَوكَبُ قَدِ انْقَضّ فِي مَنزِلِ عَلِيّ بنِ أَبي طالِبٍ . قالُوا : يا رَسولَ اللَهِ غَوَيتَ فِي حُبّ عَلِيّ ، فَأنزَلَ اللهُ : وَالنّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلّ صاحِبُكُمْ وَ مَا غَوَى * إلى قَولِهِ : ـ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى . (48)
و هذه الآيات في شأن نزول الكوكب في بيت عليّ تعريف غيبيّ بوصايته و خلافته .
و روى الشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ أيضاً في «ينابيع الموّدة» ص 239 ، و كذلك الشيخ عبيد الله الحنفيّ في كتابه «أرجح المطالب» طبع باكستان الغربيّة ص 72 ، عن ابن عبّاس أنّه قالَ : كُنّا جُلُوساً بِمَكّةَ مَعَ طَائِفَةٍ مِن شُبّانِ قُرَيشٍ وَ فِينا رَسُولُ اللَهِ صَلّى اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلّم إذَا انْقَضّ نَجْمٌ فَقَالَ صَلّى اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلّم : مَنِ انْقَضّ هَذَا النَجْمُ فِي مَنْزِلِهِ فَهُوَ وَصِيّي مِن بَعْدِي ، فَقَامُوا وَ نَظَروا وَ قَدِ انْقَضّ فِي مَنزِلِ عَلِيّ ، فَقَالوا : قَد ضَلَلتَ بِعَلِيّ ، فَنَزَلَت : وَالنّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلّ صَاحِبُكُمْ وَ مَا غَوَى .
و منها بالأحاديث التى تدلّ على أنّ أوصياء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وخلفاءه اثنا عشر شخصاً . أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، و آخرهم المهديّ قائم آل محمّد . هذه الأحاديث كثيرة للغاية و قد نقلت بأسانيد مختلفة و ثبّتها الكبار من محدّثي الشيعة و السنّة في كتبهم . و نحن ننقل هنا عدداً منها عن طريق العامّة كمثال على ما نقول .
الأحاديث الدالّة على وصاية أمير المؤمنين و أبنائه
الأوّل : روى الحموينيّ الشافعيّ في أواخر الجزء الثاني من «فرائد السمطين» (49) بإسناده عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس أنّه قال : قالَ رَسُولُ اللَهِ صلّى اللَهُ عَلَيهِ [وَآلِهِ] وَسَلّم : إنّ عَلِيّ بْنَ أبي طالِبٍ إمَامُ أُمّتِي وَخَلِيفَتي عَلَيها مِن بَعْدِي ، وَ مِن وُلدِهِ القائمُ المُنَتظَرُ الّذِي يَمْلَأُ الْأرَضَ قِسْطاً وَ عَدْلاً كَما مُلِئَتْ جَوْراً و ظلماً . والّذِي بَعَثَنِي بِالحَقّ بَشيراً وَ نَذِيراً إنّ الثَابِتِينَ عَلَى القَولِ بِإمامَتِهِ فِي زمانِ غَيبَتِهِ لَأعَزّ مِنَ الكبريتِ الأحْمَرِ . فَقَامَ إلَيْهِ جابِرُ بنُ عَبْد اللهِ الأنصارِيّ فَقَالَ : يا رَسُولَ اللهِ ! وَ لِلْقَائِمِ مِنْ وُلدِكَ غَيْبَةٌ ؟ قَالَ : إي وَ رَبّي لِيُمَحّصَ اللهُ الّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ . يا جابِرُ ؛ إنّ هَذَا الأمرَ مِن أَمْرِ اللهِ وَ سِرّ مِن سِرّ اللهِ ، عِلّتُهُ مطْوِيّةٌ عَن عِبادِهِ ، (50) فَإيّاكَ وَالشّكّ فَإنّ الشّكّ فِي أمرِ اللهِ كُفْرٌ .
الثاني : روى العلّامة الحموينيّ الشافعيّ في «فرائد السمطين» ج 1 الباب الخامس بإسناده عن الحسن بن خالد ، عن عليّ بن موسى الرضا . عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام و كذلك ذكر العلّامة البحرانيّ في «غاية المرام» ص 35 هذا الحديث ذاته بنفس السند و المتن .
قالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سَلّم : مَن أَحَبّ أَن يَتَمَسّكَ بِدِيني وَ يَرْكَبَ سَفِينَةَ النّجَاةِ بَعدْي فَليَقتَدِ بِعَلِيّ بنِ أَبي طالِبٍ ، وَليُعادِ عَدُوّهُ ، وَ لْيُوالِ وَلِيّهُ ، فَإنّهُ وَصِيّي وَ خَلِيفَتِي عَلى أُمّتِي فِي حَيَاتِي وَ بَعْدَ وَفَاتِي ، وَ هُوَ إمامُ كُلّ مُسلِمٍ ، وَ أَمِيرُ كُلّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي ، قَولُهُ قَولِي ، وَ أَمْرُهُ أَمْرِي ، وَ نَهْيُهُ نَهْيي ، وَ تابِعُهُ تابِعِي ، وَ ناصِرُهُ ناصِري ، وَ خاذِلُهُ خاذِلِي ثُمّ قَال صَلّى اللهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سَلّم : مَن فَارَقَ عَلِيّاً بَعدِي لَمْ يَرَنِي وَ لَم أرَهُ يَوْمَ القِيامَةِ ، وَ مَن خالَفَ عَلِيّاً حَرّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنّةَ وَ جَعَلَ مَأواهُ النّارَ وَ مَن خَذَلَ عَلِيّاً خَذَلَهُ اللهُ يَوْمَ يُعْرَضُ عَلَيهِ ؛ وَ مَن نَصَرَ عَلِيّاً نَصَرَهُ اللهُ يَوْمَ يَلقَاهُ ، وَ لَقّنَهُ حُجّتَهُ عِندَ المَسألَةِ ، ثُمّ قالَ صَلّى اللهِ عَلَيهِ وَآلِهِ وسَلّم : وَالْحَسَنُ وَالحُسَينُ إِمَاما أُمّتِي بَعدَ أبِيهِما وَ سَيّدا شَبَابِ أهلِ الْجَنّةِ ، أُمّهُما سَيّدَةُ نِساءِ العَالَمِينَ ، وَ أَبُوهُما سَيّدُ الوَصِيّينَ ، وَ مِنْ وُلْدِ الحُسَينِ تِسعَةُ أئِمّةٍ تاسِعُهُمُ القَائِمُ مِنْ وُلْدِي ، طَاعَتُهُمْ طاعَتِي وَ مَعْصِيَتُهُمْ مَعْصِيَتِي ، إلَى اللهِ أَشكُو المُنْكِرينَ لِفَضلِهِم وَالمُضِيعِينَ لِحُرمَتِهِمْ بَعْدِي ، وَ كَفَى بِاللهِ وَلِيّاً وَ ناصِراً لِعِترَتِي وَأَئِمّةِ أُمّتِي ، وَ مُنتَقِماً مِنَ الْجاحِدينَ حَقّهُم «وَ سَيَعْلَمُ الّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنْقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ» .
الثالث : الحديث الذي رواه الحموينيّ أيضاً في آخر الجزء الثاني من «فرائد السمطين» بإسناده عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عبّاس ، عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ، و رواه عنه العلّامة البحرانيّ أيضاً في ص 43 و ص 692 من «غاية المرام»
قَالَ ابنُ عَبّاسٍ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللَهِ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلّم : إنّ خُلَفَائِي وَ أوصِيائي لاثنا عَشَرَ ، أوّلُهُمْ أخِي وَ آخِرُهُمْ وَلَدي ، قِيلَ : يَا رَسُولَ الله ؛ وَ مَن أخوكَ ؟ قالَ : عَلِيّ بنُ أبي طالِبٍ . قِيلَ : فَمَنْ وَلَدُكَ ؟ قالَ : الْمَهْدِيّ الّذِي يَمْلأُها قِسْطاً وَ عَدْلاً كَما مُلِئَت جَوْراً وَ ظُلماً . وَالّذِي بَعَثَني بِالحَقّ بَشيراً لَو لَمْ يَبقَ مِنَ الدّنيَا إلّا يَوْمٌ واحِدٌ لَطَوّلَ اللهُ ذَلِكَ اليَومَ حَتّى يَخرُجَ فِيهِ وَلَدي المَهدِيّ فَيَنْزِلُ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابنُ مَريَمَ فَيُصَلّي خَلفَهُ ، وَ تُشْرِقُ الْأرْضُ بِنُورِ رَبّهَا ، وَ يَبلُغُ سُلطَانُهُ المَشرِقَ و المَغْرِبَ .
الرابع : الحديث الذي رواه الشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ في «ينابيع المودّة» ص 447 عن الحموينيّ الشافعيّ في «فرائد السمطين» يقول : وَ فِي هَذَا الكِتابِ يعنِي في«فرائد السمطين» عَن سَعِيدٍ بنِ جُبَيرٍ ، عَن ابنِ عَبّاسٍ قالَ : قالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهِ عَلَيهِ [وَآلِهِ] وَسَلّم : إنّ خُلَفائِي وَ أوصِيائِي وَ حُجَجَ اللهِ عَلى الْخَلْقِ بَعْدِي لاثْنَا عَشَرَ ، أَوّلُهُم عَلِيّ وَ آخِرُهُم ْ وَلَدِيَ الْمَهْدِيّ ، فَيَنْزِلُ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ فَيُصَلّي خَلفَ المَهدِيّ ، وَ تُشْرِقُ الْأرْضُ بِنُورِ رَبّها ، وَ يَبلُغُ سُلطانُهُ المَشرِقَ وَالمَغرِبَ .
الخامس : ما رواه الحموينيّ في «فرائد السمطين» بإسناده عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلاليّ ، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه كان يوماً في مسجد المدينة أيام عثمام يتحدّث عن فضائله و مناقبه أمام جمع كثير من المهاجرين و الأنصار و كان ينشدهم بها و يأخذ اعترافهم على ذلك . و ممّا جاء فيها قوله : فَأنشُدُكُمُ اللهَ أتَعْلَمُونَ حَيثُ نَزَلَت ، «وَالسّبِقُونَ الْأَوّلُونَ مِنَ المُهَجِرِينَ وَالْأَنصَارِ» (51) ـ «السّبِقُونَ السّبِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقّرّبوُنَ» ، (52) سُئِلَ عَنْها رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سَلّم : فَقَالَ : أنزَلَها اللهُ تعالى ذِكرُهُ فَخراً لِأنْبِيائِهِ وَ أوْصِيائِهِم ، فَأنَا أفْضَلُ أنبِياءِ اللهِ وَ رُسُلِهِ وَ عَليّ بنُ أبي طالِبٍ وَصِيّي أفضَلُ الأوصِياءِ ؟ قَالُوا : اللهُمّ ! نَعَم .
و قوله : هل تعلمون أنّ رسول الله خطب يوم الغدير . فقال : أَيّهَا النّاسُ ! أتَعْلَمُونَ أَنّ اللهَ عَزّ وَجَلّ مَولايَ وَ أَنا مَولَى الْمُؤمِنِينَ وَ أوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنفُسِهِم ؟ قَالُوا : بَلَى يا رَسُولَ اللهِ ؛ قالَ : قُمْ يا عَلِيّ ، فَقُمْتُ ، فَقَالَ : مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيّ مَوْلَاهُ ، اللهُمّ وَالِ مَن وَالاهُ ، وَ عادِ مَن عَادَاهُ ، فَقَامَ سَلْمانُ فَقَالَ : يا رَسُولَ الله ؛ وِلَاؤُهُ مَاذا ؟ فَقَالَ : وِلاءٌ كَوِلَائي ، مَن كُنتُ أوْلَى بِهِ مِنْ نَفسِهِ فَعَلِيّ أوْلَى بِهِ مِنْ نفسِهِ . فَأَنزَلَ اللهُ تَعالَى ذِكرَهُ : «الْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أتَمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً» . فَكَبّرَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ و سَلّم : اللهُ أكبَرُ عَلى تَمامِ نُبُوّتِي وَتَمامِ دِينِ اللهِ وَوِلَايَةِ عَلِيّ بَعدِي . فَقَامَ أبُو بَكرٍ وَ عُمَرُ . فَقَالَا : يا رَسُولَ اللهِ ؛ هَذِهِ الآياتُ خَاصّةٌ فِي عَلِيّ ؟ قالَ :بَلَى ، فِيهِ وَ فِي أوصِيائي إلَى يَومِ القِيَامَةِ ، قَالا : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ بَيّنْهُم لَنَا ، قَالَ : عَلِيّ أخي وَ وَزِيرِي ، وَوَارِثِي وَ وصيّي وَ خَليفَتِي فِي أُمّتِي وَ وَلِيّ كُلّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي ، ثُمّ ابْنِيَ الْحَسَنُ ، ثُمّ الحُسَيْنُ ، ثُمّ تِسْعَةٌ مِن وُلدِ ابنِيَ الحُسَيْنِ ، واحِداً بَعدَ واحِدٍ ، القُرآنُ مَعَهُم ، وَ هُمْ مَعَ القُرآنِ ، لَا يُفارِقُونَهُ وَلَا يُفارِقُهُمْ حَتّى يَرِدَا عَلَيّ الحَوْضَ ؟ فَقَالُوا كُلّهُمُ : اللهُمّ نَعَمْ قَد سَمِعْنَا ذَلِكَ وَ شَهِدْنا كَمَا قُلتَ سَواءً ، وَ قَالَ بَعْضُهُمْ : قَد حَفِظْنَا جُلّ ما قُلْتَ وَ لَمْ نَحْفَظْ كُلّهُ وَ هَؤْلاءِ الّذِينَ حَفِظُوا أخيَارُنَا وَ أفاضِلُنا ، فَقَالَ عَلِىّ عَلَيهِ السّلامُ : لَيْسَ كُلّ النّاسِ يَسْتَوُونَ فِي الحِفظِ .
و قوله : أَنْشُدُكُمُ اللهَ أتَعلَمُونَ أنّ رَسُولَ الله صَلّى اللهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ وسَلّم : قامَ خَطِيباً لَم يَخطُب بَعدَ ذَلِكَ فَقَالَ : يَا أَيّها النّاسُ ! إنّي تارِكٌ فِيكُمُ الثّقَلَينِ كِتَابَ اللهِ وَ عِترَتِي أهلَ بَيْتِي ، فَتَمَسّكُوا بِهِما لَن تَضِلّوا ، فَإنّ اللَطِيفَ الخَبِيرَ أخبَرَنِي وَ عَهِدَ إليّ أَنّهُمَا لَن يَفتَرِقا حَتّى يَرِدَا عَلَيّ الحَوْضَ . فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ شِبْهَ المُغضِبِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ أَكُلّ أهلِ بَيتِكَ ؟ فَقالَ : لَا ، وَلَكِنْ أوْصِيائي مِنهُمْ ، أَوّلُهّمْ أَخِي وَوَزِيرِي وَوَارِثِي وَ خَليِفَتِي في أُمّتِي وَ وَلِيّ كُلّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي ، هُوَ أَوّلُهُمْ ثُمّ الحَسَنُ ثُمّ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ ثُمّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الحُسَينِ ، واحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ حَتّى يَرِدُوا عَلَيّ الحَوْضَ ، شُهَداءُ اللَهِ فِي أَرضِهِ وَ حُجَجُهُ عَلَى خَلقِهِ وَخُزّانُ عِلْمِهِ وَمَعادِنُ حِكْمَتِهِ ، مَن أَطَاعَهُمْ فَقَد أَطَاعَ اللهَ ، وَ مَن عَصاهُمْ فَقَدْ عَصَى اللهَ ؟ فَقَالُوا كُلّهُمْ : نَشْهَدُ أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلّم قَالَ ذَلِكَ .
أجل ، لقد نقلنا هذه الفقرات من حديث المُناشَدةَ من كتاب «عَلِيّ و الوصيّة» . و ذكر هذا الكتاب جميع فقراته من الصفحة 157 حتّى الصفحة . 163
و ينبغي أن نعلم بأنّ أمير المؤمنين عليه السلام ناشد القوم عدّة مرّات:
الأُولى : بعد وفاة الرسول العظيم في مسجد النبيّ . الثانية : بعد وفاة عمر بن الخطّاب عندما احتجّ بمقاماته و فضائله لاسيّما مقام الوصاية و الوزارة و الخلافة أمام أصحاب الشورى الستّة . الثالثة : في مسجد النبيّ أيّام حكومة عثمان حينما كان عدد كبير من المهاجرين و الأنصار مجتمعين في المسجد قبل الظهر ، و كلّ واحد منهم كان يتحدّث بفضيلة أحد ، و كان الإمام صامتاً فقالوا : يا عليّ بن أبي طالب ! لم تقل شيئاً . فطفق الإمام يناشدهم مبيّناً فضائله و مناقبه مستشهداً عليها بآيات الكتاب الحكيم و الأحداث التي وقعت في عصر النبيّ ، و خطب النبيّ و كلماته . و أثبت بمناشدته هذه أنّ الخلافة له لا لغيره ، و أنّ الخلفاء السابقين اغتصبوا هذا المقام منه .
و بشأن مناشدته في عصر عثمان ، وردت عدّة أحاديث يختلف أحدهما عن الآخر في المتن .
و أهمّها مارواه العلّامة البحرانيّ في «غاية المرام» الباب الرابع و الخمسين من ص 549 إلى ص 553 عن سليم بن قيس الكوفيّ ، عن سلمان الفارسيّ ، و قد قسّم هذا الحديث كلّه إلى قسمين في أصل الكتاب طبع النجف بدون نقصان . ورد القسم الأوّل على الصفحة 69 فما بعدها حتّى الصفحه . 73 و القسم الثاني على ص 79 فما بعدها حتّى ص . 92 وورد هذا الحديث أيضاً في كتاب «عليّ و الوصيّة» تحت عنوان الحديث الثالث و الثلاثين . و نصّه يبدأ من ص 72 ، و حوله شرح و تفصيل حتّى ص . 130
و روي الحديث أيضاً في «غاية المرام» في الباب الرابع عشر تحت عنوان : الحديث الثاني عشر ، في ص 67 و ص 68 ، و ذكر موجزاً أيضاً في الكتاب نفسه في ص 642 منه .
لقد نقل كثير من علماء الشيعة و السنّة بأسانيدهم هذا الحديث المشهور بحديث المناشدة بسند متّصل ، و دوّنوه في كتبهم ، منهم الحموينيّ الشافعيّ في «فرائد السمطين» . و الخوارزميّ الحنفيّ في مناقبه ص 217 ، والشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ في «ينابيع المودّة» ص . 114 و ابن حجر الهيثميّ في «الصواعق المحرقة» ص . 77 و ذكره العلّامة البحرانيّ . مضافاً إلى الموارد التي أُشير إليها في «غاية المرام» ، في كتابه الآخر المعروف بالمناقب ، و طبع هذا الكتاب مع تعليقات العلّامة الجليل العسكريّ المسمّاة : «عليّ و السّنّة» . و قد فصّل ابن شهرآشوب حديث المناشدة في «المناقب» و ذكر كلّ جزء منه في بابه حسب كلّ واحد من الأبواب و الفصول . ففي باب الوصاية و الولاية ذكر فقرة تخصّ الوصاية في ج 1 ص 542 ، فقال : الطّبَريّ بإسنادِهِ عَنْ أَبِي الطّفَيلِ أنّهُ عَلَيهِ السّلامُ قالَ لِأصحابِ الشّورَى : أُناشِدُكُمُ اللَهَ هَل تَعْلَمُونَ أَنّ لِرَسُولِ اللَهِ صَلّى اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلّم : وَصِيّاً غَيْري ؟ قَالُوا : اللهُمّ ؛ لَا .
و أمّا مناشدته عليه السلام أصحاب الشورى بعد موت عمر ، فقد جاءت في كتاب «علِيّ و الوصيّة» من ص 126 إلى ص . 130
و منها : الأحاديث التي أمر رسول الله فيها الناس باتّباع أمير المؤمنين عليه السلام و قدّمه إليهم بوصفه وصيّاً مفروض الطّاعة . وهذه الإضمامة من الأحاديث كثيرة للغاية ، نذكر فيمايلى عدداً منها كأمثلة على ما نقول :
روى ابن عساكر في «تاريخ دمشق الكبير» الجزء الخاصّ بفضائل أمير المؤمنين عليه السلام الذي تمّ تصويره من المخطوطة الموجودة في المكتبة الظاهريّة بدمشق و هو موجود الآن في مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامّة بالنجف الأشرف في الورقة رقم 11 ، (53) روى بإسناده عن ابن عبّاس أنّه قال : سَتَكُونُ فِتْنَةٌ فَإنْ أدْرَكَها أَحَدٌ مِنكُمْ فَعَلَيْهِ بِخَصْلَتَيْنِ كِتابِ اللهِ وَعَليّ بْنِ أبي طَالِبٍ ، فَإنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلّى اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلّم يقولُ ـ وَ هُوَ آخِذٌ بِيَدِ عَلِيّ ـ هَذا أوّلُ مَن آمَنَ بِي وَ أوّلُ مَن يُصافِحُني يَومَ القِيَامَةِ وَ هُوَ فَارُوقُ هَذِهِ الأُمّةِ يُفَرّقُ بَينَ الحَقّ وَالْباطِلِ ، وَهُوَ يَعسُوبُ المُؤمِنِينَ وَالْمَالُ يَعسُوبُ الظّالِمِينَ ، وَ هُوَ الصّدّيقُ الأكبَرُ ، وَهُوَ بابِيَ الّذِي أُوتَى مِنْهُ ، وَ هُوَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي .
و روى ابن شهرآشوب في «المناقب» ج 1 ص 543 عن أبي رافع أنّه قَالَ : لَمّا كانَ اليَوْمُ الّذِي تُوُفّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَهُ صَلّى اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلّم غُشِيَ عَلَيهِ فَأخَذْتُ بِقَدَمَيْهِ أُقَبّلُهُما وَ أَبكِي ، فَأفَاقَ وَ أَنا أَقُولُ : مَنْ لِي وَلِوُلدِي بَعْدَكَ يا رَسُولَ اللهِ ؟! فَرَفَعَ إِلَيّ رَأسَهُ وَ قَالَ : اللهُ بَعْدِي وَوَصِيّي صالِحُ المؤمِنِينَ .
و في «ينابيع المودّة» ص 248 حديث عن ابن عبّاس أنّه قال : دَعَاني رَسُولُ اللهِ صَلّى اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلّم : فَقالَ لِي : أُبَشّرُكَ أَنّ اللهَ تَعالَى أَيّدنِي بِسَيّدِ الأَوّلِينَ وَ الآخِرِينَ وَالوَصِيّينَ عَلِيّ فَجَعَلَهُ كُفوَ ابْنَتَي فَإن أرَدتَ أَن تَنتَفِعَ فَاتّبِعْهُ .
و فيه أيضاً ، ص 239 حديث عن أنس بن مالك أنّه قال : رَأيْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلّى اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلّم : جالِساً مَعَ عَلِيّ فَقَالَ : أَنَا وَ هَذا حُجّةُ اللَهِ عَلَى خَلقِهِ . رَواهُ صاحِبُ «الفردوس» وَالإمامُ أَحمَدُ .
أجل ، فقد طال بنا المقام في بيان الأحاديث المأثورة في الوصاية مع أنّنا لم نذكر هنا عُشر الأحاديث الواردة . و نختم كلامنا بحديث عن سيّد الشهداء عليه السلام يضمّ فضائل جمّة .
فقد جاء في «ينابيع المودّة» الباب 41 ص 123 عن «مناقب الخوارزميّ» ، عن أبي سعيد عَقيصا ، عن سيّد الشهداء الحسين بن عليّ عليهما السلام عن أبيه أنّه قال : قالَ رَسُولُ اللَهِ صَلّى اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وسَلّمَ : يَا عَلِيّ ؛ أنتَ أَخي وَ أنا أخوكَ ، أنَا المُصطَفى لِلنّبُوّةِ وَ أنتَ المُجتَبى لِلإمَامَةِ . أَنا وَ أنْتَ أَبَوَا هَذِهِ الأُمّةِ ، وَ أنْتَ وَصِيّي وَ وَارِثِي وَأَبُو وُلْدِي ، أَتباعُكَ أتباعي وَ أوْلياؤُكَ أولِيائي وَ أعْدَاؤُكَ أعْدَائي ، وَ أَنْتَ صَاحِبي عَلَى الحَوْضِ وَ صاحِبي فِي المَقامِ المَحْمُودِ وَ صاحِبُ لِوائِي فِي الآخِرَةِ كَما أَنْتَ صاحِبُ لِوائي فِي الدّنْيا . لَقَدْ سَعِدَ مَنْ تَوَلّاكَ وَ شَقِيَ مَنْ عَادَاكَ . وَ إنّ الملائكَة لَتَتَقَرّبُ إلى اللهِ بِمَحَبّتِكَ وَ وِلَايَتِكَ وَ إِنّ أهْلَ مَوَدّتِكَ فِي السّماءِ أَكثَرُ مِن أَهلِ الأرضِ . يَا عَلِيّ ؛ أنتَ حُجّةُ اللهِ عَلَى النّاسِ بَعدْي ، قَولُكَ قَولِي ، أَمرُكَ أَمرِي ، نَهيُكَ نَهْيِي ، وَ طَاعَتُكَ طاعَتي وَمَعْصِيَتُكَ مَعصِيَتي ، وَ حِزْبُكَ حِزْبِي ، وَ حِزْبي حِزْبُ اللهِ ، ثُمّ قَرَأَ : «وَمَنْ يَتَوَلّ اللَهَ وَ رَسُولَهُ والّذِينَ ءامَنُوا فَإِنّ حِزْبَ اللَهِ هُمُ الغَلِبُونَ» .
فقد بيّن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ في هذا الحديث المبارك مقام الإمامة والوصاية والخلافة والأبوّة لأمير المؤمنين عليه السلام . و اعتبره قريناً ومعادلاً له من جميع الجهات ، بحيث إنّ مخالفة عليّواتّباعه وأمره ونهيه ، هي كمخالفة النبيّ واتّباعه وأمره ونهيه . و قدّمه بوصفه حجّة على الأرض كنفسه . وجعل السعادة والشقاء في تولّيه و التبرّي منه . و بصورة عامّة ، فإنّه اعتبر أمير المؤمنين الشخص الوحيد و النموذج الفريد للتّأسّي به و اتّباعه ، و جعل الإعراض عنه عَينَ البؤس و الشقاء و الهلاك . يقول المرحوم السيّد إسماعيل الحِميريّ :
مَنْ ذَا الّذي أوْصَى إلَيهِ مُحَمّدٌ
يَقضِي العِدَاتِ فَأَنفَذَ الإْيصَاءا (54)
و يقول أيضاً :
وَصِيّ مُحَمّدٍ وَ أبُو بَنِيهِ
وَ أَوّلُ ساجِدٍ لِلّهِ صَلّى (55)
و يقول كذلك :
وَ كَأنّ قَلْبِي حِينَ يَذْكُرُ أحْمَدا
وَ وَصِيّ أحْمَدَ نِيطَ مِنْ ذِي مِخْلَبِ
بِذُرَى الْقَوادِمِ مِنْ جَناحِ مُصَعّدٍ
فِي الجَوّ أو بِذُرَى جَناحِ مُصَوّبِ
حَتّى يَكادَ مِنَ النّزاعِ إِلَيْهِمَا
يُفْرِي الْحِجَابَ عَنِ الضّلُوعِ الصُلّبِ (56)
و يقول :
مُحَمّدٌ خَيْرُ بني غَالِبِ
وَ بَعْدَهُ ابْنُ أبي طَالِبِ
هَذا نَبِيّ وَ وَصِيّ لَهُ
وَ يُعزلُ العَالَمُ فِي جَانِبِ (57)
و يقول أيضاً :
فَيَقُولُ فِيهِ مُعْلِناً خَيْرُ الوَرى
جَهْراً وَ ما ناجَى بِهِ إِسْرَارَا
هَذَا وَصِيّي فِيكُمُ وَ خَلِيفَتِي
لَا تَجْهَلُوهُ فَتَرْجِعُوا كُفّارا (58)
و له كذلك :
فَطُوبَى لِمَنْ أَمسَى لِآلِ مُحَمّدِ
وَلِيّاً إمامَاهُ شُبَيْرٌ وَ شُبّرُ
وَ قَبْلَهُما الهَادي وَصِيّ مُحَمّدِ
عَلِيّ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ الْمُطَهّرُ (59)
و له أيضاً :
عَلِيّ إمامٌ وَصِيّ النّبِيّ
بِمَحْضَرِهِ قَدْ دَعَاهُ أميرَا
وَ كَانَ الْخَصِيصَ بِهِ فِي الحَياة
فَصَاهَرَهُ وَاجْتَبَاهُ عَشِيرَا (60)
و يقول :
هَذَا أخي وَ وَصِيّي فِي الأَمْرِ وَ مَن
يَقُومُ فِيكُمْ مَقَامِي عِندَ تَذْكارِي (61)
و له :
عَلِيّ وَصِيّ المُصْطَفى وَ وَزيرُهُ
وَ ناصِرُهُ وَالبِيضُ بِالْبِيضِ تُقرَعُ
وَ أَكْرَمُ خَلقِ اللهِ صِنْوُ مُحَمّدٍ
وَ مَنْ لَيسَ عَن فَضلٍ إذا عُدّ يُدْفَعُ (62)
و له أيضاً :
أشْهَدُ بِاللهِ وَ آلَائِهِ
وَالمَرْءُ عَمّا قالَهُ يُسْئَلُ
إِنّ عَلِيّ بْنَ أَبِي طالِبٍ
خَلِيفَةُ اللهِ الّذِي يَعْدِلُ
وَ إنّهُ قَدْ كانَ مِن أحْمَد
كَمِثلِ هَارون وَ لا مُرسَلُ
لَكِنْ وَصِيّ خازِنٌ عِنْدَهُ
عِلْمٌ مِنَ اللهِ بِهِ يَعْمَلُ (63)
و قال عتبة بن أبي لهب مخاطباً عائشة :
أعَايِشُ ! خَلّي عَن عَلِيّ وَ عَتْبِهِ
بِما لَيسَ فِيهِ إِنّمَا أنتِ والِدَة
وَصِيّ رَسُولِ اللهِ مِن دُونِ أهلِهِ
فَأنتِ عَلَى ماكَانَ مِنْ ذَاكِ شاهِدَة (64)
وكتب الأَشعَث بن قيس الكندي في جوابه على كتاب أمير المؤمنين :
أتَانَا الرّسُولُ رَسُولُ الوَصِيّ
عَلِيّ المَهَذّبِ مِن هَاشِمِ
وَصِيّ النّبِيّ وَ ذُو صِهْرِهِ
وَ خَيْرُ البَرِيّةِ فِي العالَمِ (65)
و يقول كُثير عزّه :
وَصِيّ النّبِيّ المُصْطَفَى وَابْنُ عَمّهِ
وَ فَكّاكُ أَغْلَالٍ وَ قاضِي مَغَارِمِ (66)
و يقول الصاحب بن عبّاد :
إِنّ الْمَحَبّةَ لِلوَصِيّ فَرِيضَةٌ
أعْنِي أَميرَ المؤمنينَ عَلِيّا
قَد كَلّفَ اللهُ البَرِيّةَ كُلّهَا
واختَارَهُ لِلْمُؤمِنِينَ وَلِيّا (67)
و يقول فضل بن عبّاس :
وَ كَانَ وَلِيّ الأمْرِ بَعدَ مُحَمّدٍ
عَلِيّ وَ فِي كُلّ المَواطِنِ صاحِبَهْ
وَصِيّ رَسُولِ اللهِ حَقّاً وَ صِهْرَهُ
وَ أَوّلَ مَنْ صَلّى وَما ذَمّ جانِبَهْ (68)
و يقول الكُمَيت :
وَ نِعْمَ وَلِيّ الْأمْرِ بَعْدَ نَبِيّهِ
وَ مُنتَجَعُ الْتّقوى وَ نِعْمَ المُؤَدّبُ (69) و (70)
يتّضح جيّداً بملاحظة ما ذكرناه في هذا الفصل أنّ خلافة أمير المؤمنين عليه السلام و وصايته في عصر رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ، لم تحتمل الشبهة و الترديد . و كانت واضحة و ثابتة عند الجميع ، و كلّهم أذعنوا لهذه الحقيقة .
لقد أكّد رسول الله في مواطن كثيرة ، في السفر والحضر ، و في الحرب و السلم ، و في الجلسات الخاصّة و العامّة، و عند الصديق و العدو سواء سألوه ، أو هو ابتدأهم ، أكّد على أمير المؤمنين بوصفه وارثاً لمواهب الرسالة ، ووصيّاً على أعباءِ النبوّة ، و خليفة على جميع الأُمّة . و كثر ما سمّاه وليّاً لكلّ مسلم ، و إماماً لكلّ مؤمن ، و قائداً لكلّ تَقِيّ «وَلِيّ كُلّ مُسلِمٍ وَ إمامُ كُلّ مُؤمِنٍ وَ قائِدُ كُلّ تَقِيّ» و وصفه مراراً بأنّه «سَيّدُ المُسلِمِينَ وَ إمامُ المُتّقِينَ وَ يَعسُوبُ المُؤمِنِينَ وَ سَيّدُ الأوصِياءِ وَ سَيّدُ الوَصِيّينَ وَ خَيْرُ الأوصِياءِ وَ خَيْرُ الوَصِيّينَ وَ أَفضَلُ الوَصِيّينَ» .
ليست وصاية أمير المؤمنين في الشؤون الشخصيّة لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم
إنّ الوصاية الواردة لأمير المؤمنين من قبل النبيّ لا تتعلّق بشؤونه الشخصيّةبل تتعلّق بشؤون النبوّة و والولاية العامّة للمسلمين . و دليلنا على ذلك هو أنّه جعله في مصافّ أوصياء الأنبياء ، مثل شيث بالنسبة إلى آدم ، و سام بالنسبة إلى نوح ، و يوشَع بالنسبة إلى موسى ، و شمعون بالنسبة إلى عيسى ، و آصِف بن بَرخيا بالنسبة إلى سليمان . ثمّ إنّه جعله وصيّاً لمقام نبوّته ، و اعتبره أشرف الجميع و أفضلهم و أعلمهم ، و شرّفه بلقب سيّد الوصيّين و خير الوصيّين .
و حتّى في بعض المواطن التي سئل فيها ، أجاب بأنّ سبب وصاية شمعون و يوشع و آصف أعلميّتهم بالنسبة إلى جميع الأُمّة ، و على هذا الأساس جعل وصاية أمير المؤمنين مترتّبة على أعلميّته ، و عدّه مع نفسه أبوَي هذه الأُمّة ، و حجّتي الله على عباده ، و وصفه مراراً بأنّه خليفته في حياته و بعد مماته . و مضافاً إلى ذلك ، فإنّه صلّى الله عليه و آله و سلّم قال بأنّه هو و عليّ بن أبي طالب من شجرة واحدة ، و من نور واحد ، و غصنان متفرّعان من أصل واحد . و ذكر في بعض الأوقات مجملاً أنّ عدد أوصيائه إثنا عشر : كُلّهُمْ مِن قُرَيشٍ .
و قال في أوقات أُخرى : كُلّهُمْ مِنْ بَني هاشِمٍ . و قال في بعض الآونة : أوصيائي إثنا عشر أوّلهم أخي و وزيري ، و وارثي و وصيّي عليّ بن أبيطالب ، و آخرهم المهديّ القائم من ولدي ، و في آونة أُخرى ذكرهم واحداً بعد الآخر ، و أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، و بعده الحسن ، ثُمّ الحسين ، و بعده تسعة من ولده ، و عدّهم واحداً واحداً ، و آخرهم قائمهم رافع راية التوحيد و العدل ، و هادم صرح الشرك و الظلم .
و بيّن في بعض الأحايين أسماء الأئمّة واحداً بعد الآخر بالتفصيل . و أمر الأُمّة جميعها في أوقات كثيرة بلزوم اتّباع عليّ بن أبي طالب واعتبر إطاعة عليّ إطاعته ، و مخالفة عليّ مخالفته ، و أمر عليّ أمره ، و نهي عليّ نهيه ، و قول عليّ قوله ، و حبّ عليّ حبّه ، و بغض عليّ بغضه . و حزب عليّ و أنصاره حزبه و أنصاره ، و حزبه حزب الله .
و قال في بعض المواطن ما مضمونه : ستظهر بعدي فتن ، فعليكم بكتاب الله و وصيّي عليّ بن أبي طالب ، فهما لا يفترقان . و ذكّر المسلمين في جميع المراحل بالرجوع إلى الإمام بوصفه وصيّاً ، و سيّد الأوصياء و إمام المسلمين ، و أمير المؤمنين ، و خليفة الناس ، و اعتبر السعادة و النجاة في ولايته ، والشقاء و الهلاك في الإعراض عنه . و رتّب وصايته على أساس تفرّده في العلم ، و الحلم و السبق إلى الإسلام . و وصفه بأنّه قاضي ديونه و منجز عداته و وارثه .
و من المعلوم أنّ الديون الظاهريّة لرسول الله لم تمثّل شيئاً . و المقصود بها هنا هي مسؤوليّته و اشتغال ذمّته بالنسبة إلى جميع الناس من حيث هدايتهم و الأخذ بأيديهم نحو مقام الإنسانيّة الشامخ ، و إيصالهم إلى أعلى درجة من درجات القرب و التوحيد . و عهوده صلّى الله عليه و آله و سلّم هي تلك المواثيق التي أخذها الله عليه بتبليغ الناس المعارف و الأحكام ، و توجيههم نحو السعادة ، و لذلك قال له : وَ أنتَ تُسْمِعُهُمْ صَوتي . و من الطبيعيّ ، فإنّ هذا العمل يصدر عن شخص هو في درجة رسول الله وَ كَالصّنْوِ مِنَ الصّنْوِ ، وَالذّراعِ مِنَ الْعَضُدِ .
و الإرث المقصود في وصفه على أنّه وارثه ، هو ذلك الإرث الذي وصل إلى عليّ بن أبي طالب في الشؤون المتعلّقة برسول الله
فهو وارث مقام العلم ، و وارث مقام التوحيد و المعارف الإلهيّة و وارث الولاية و الأولويّة بالمؤمنين من أنفسهم ، و وارث القدرة و السَيطرة ، و وارث الأمر و النهي ، و وارث مهمّة إيصال النفوس إلى هدفها المنشود ، و السلطة التكوينيّة على النفوس و الملكوت ، و وارث الوحي و القرآن .
و لذلك قال صلّى الله عليه و آله ما مضمونه ، لو لم أكن خاتم النبيّين لكنتَ شريكي في النبوّة ، و لكنّك وصِيّي و خليفتي ، و لكي يأتي بشاهد من عالم الغيب حتّى لا يظنّ أصحاب الأُفق الضيّق أنّ خلافة عليّ و وصايته كلام شخصيّ صدر عن الهوى و المحاباة و علاقة القربى و المصاهرة استلهم من نزول النجم في بيت عليّ دليلاً بوصفه شاهداً غيبيّاً ، أو استشهد بدخول عليّ من الباب على أنس بن مالك كأوّل داخل عليه .
أجل ، فإنّ رسول الله قد ذكّر بجميع هذه المواضيع التي كانت فهرساً لهذا الفصل ، و ذلك من خلال تأكيداته الشديدة و ترغيباته الأكيدة .
والعجب بل كلّ العجب من جحود و إنكار البعض من متعصّبي العامّة ، إذ إنّهم ـ تقليداً لآبائهم ـ لم يتركوا الجمود و التعصّب ، على الرغم من وجود الأحاديث الصحيحة و الصريحة التي بلغت حدّ التواتر و البداهة فحملوا الأحاديث التي ورد فيها قضاء الدين و الوفاء بالعهد على الديون الشخصيّة و العدّات الجزئيّة لرسول الله . و حملوا عنوان الوارث على الإرث في بعض المجالات الجزئيّة ، مثل إرث السيف ، و الدرع ، و المغفر و الفَرَس ، و سوّغوا لأنفسهم أن يفهموا الوصاية على أنّها وصاية في غسل رسول الله و تكفينه ، أو وصايته صلّى الله عليه و آله بالعرب ، و ما إلى ذلك من التأوّلات و التعسّفات .
و هذا ما نلمسه في كلام محبّ الدين الطبريّ في كتابه «ذخائر العقبى» ص 72 ، و في «الرياض النضرة» ج 3 ، ص 178 ، و كذلك في كلام غيره من متعصّبي العامّة .
فهل يمكننا أن نحمل الأحاديث الكثيرة التي ورد فيها عنوان سيّد الوصيّين ، و خير الأوصياء على الإيصاء بالشؤون الجزئيّة الخاصّة كالغسل و التكفين و الدفن ؟ و هل ينبغي لنا أن نعرض كلّيّاً عن هذه التأكيدات و التشديدات في لزوم اتّباع أمير المؤمنين ، و نصدف عنها ؟
و هل ينبغي لنا أن نطوي كلّ تلك التذكيرات المتتابعة و التوصيات الأكيدة في ملفّ النسيان ؟ و هل من الإنصاف أن نتعسّف فَنأوّل معنى الوافي بالعهود و القاضي للديون ، و هما صفتان متألّقتان و علامتان خاصّتان جعلهما رسول الله لأمير المؤمنين في مواطن مختلفة و أماكن متنوّعة و مقامات عديدة ، بالوفاء ببعض العدّات التافهة و أداء بعض الدراهم المعدودة ؟
إنّ جميع هذه التأوّلات تهكّم و استهزاء بكلام رسول الله ، بل بشخص رسول الله ، بل بمُرسِلِهِ ، و الباعث عليها هو تبرئة الحكّام الغاصبين و محرّفي الشريعة عن محورها الأصلي .
و لو وطّن هؤلاء العلماء الكبار من أهل السنّة أنفسهم على أن ينسبوا اللهو و اللعب إلى كبارهم من أرباب السقيفة ، لكان خيراً لهم من أن يسخروا برسول الله من خلال التلاعب بمثل هذه الألفاظ ، و يُؤَوّلوا وصاياه في الرجل الإلهيّ الفريد الذي يمثّل رمز بزوغ التوحيد في مظاهر الصفات و الأسماء الإلهيّة ، أعني : مولى الموحّدين و أمير المؤمنين عليّ بن أبيطالب عليه السلام يُؤوّلوها تأويلات واهية باهتة لا تصدر حتّى عن الإنسان البسيط العامّيّ .
و لو نسبوا الذنب و الخطأ إلى رُؤَسائهم لكان خيراً لهم من أن ينسبوهما بصورة غير مباشرة إلى رسول الله . إنّ هؤلاء قد حرفوا الطريق المستقيم . و ذلك لإسدال الستار على جرائم الحكّام الغاصبين ، و تبرير حبّهم للجاه و الرئاسة و التحكّم في رقاب المسلمين بعناوين متنوّعة . و بالتالي فإنّهم أوّلوا الأحاديث الصادرة عن النبيّ التي لايرتاب فيها أحد و ولاية أمير المؤمنين و حكومته الظاهريّة و الباطنيّة الّتي تَتَلألأ بإشراقها على جميع الناس كالشمس . أوّلوا ذلك كلّه تأويلات باهتة خائرة يأباها العقل السليم ، و هبطوا بقيمة صاحب الرسالة و مقامه إلى أسفل سافلين .
أيّ شخص يعرف سيرة الرسول الأكرم و مقامات أمير المؤمنين و يخبر لنفسه أن يُأوّل تلك الأحاديث ، و يبرّر حكومة الظالمين بتحمّسهم على الإسلام ، أو بِخَطَئِهِم في ذلك ؟ !
نحن لا ننتظر من عوامّ أهل السنّة شيئاً . فكلّ ما يُلقى إلى أُولئك المساكين المستضعفين ، يلقفوه ، فيكون إكسيراً لأرواحهم ، و كلّ موضوع يلقّنهم به كبارهم ، يقبلوه و يتربّوا عليه ، فليس لنا مع هؤلاء كلام ، بل كلامنا مع من له اطّلاع على الأحاديث المأثورة .
و كلامنا مع الّذين ذكروا الفضائل و المناقب الفذّة لأمير المؤمنين في كتب مستقلّة أو في ثنايا أحاديث أُخرى . و مع الذين يلمّون بالعربيّة وآدابها ، و يفهمون المراد من كلام الله و رسوله حَسَناً ، لكنّهم حرّفوا الأحاديث معنويّاً بدهاء و مكر عجيبين ، و اتّبعوا سبيلاً بعيداً و خاطئاً و حجبوا عقولهم و أفكارهم عن أداء دورها . إنّهم يعرفون أمير المؤمنين جيّداً ولكنّ الأنانيّة و العناد يصّدانهم عن أن يصموا ما فعله أسلافهم بالبطلان والخيانة ، فيصفوا حاملي لواء السقيفة بالخيانة و الإجرام بكلّ صراحة .
وَ جَحَدُوا بِها وَاستَيْقَنَتْهآ أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَ عُلُوّا (71) فقد أنكروا ولاية عليّ و هم على يقين بأنّ الحقّ معه ، و لم يقرّوا بها و لم يتواضعوا أمام الحقّ ؛ لأنّ رَين الظلم و العصيان قد تَراكم على نفوسهم الأمّارة بالسوء .
الّذِينَ ءَاتَيْنَهُمُ الْكِتَبَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ . (72) فإنّ أُولئك الأشخاص يعرفون ولاية أمير المؤمنين و فضائله و مناقبه كما يعرفون أبناءهم .
و العجيب هو ما يلاحَظ في كثير من أحاديث العامّة أنّ أبا بكر ، و عمر و عثمان ، و معاوية ، و عمرو بن العاص ، و المُغيرة بن شُعبة ، و أبا عُبَيدَة بن الجَرّاح أنفسهم يعترفون بفضائل عليّ ، و يرونه أهلاً للخلافة من جميع الجهات ، و يعتبرون أنفسهم غاصبين و مضيّعين لحقّه الثابت ، و يصفون أمير المؤمنين بأنّه مظلوم . و هذه اعترافات ذكرها كبار العامّة في كتبهم !!
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَعْصِمَنَا مِنَ الزّلَلِ وَ لَا يَكِلْنَا إلى أَنْفُسِنا طَرْفَةَ عَينٍ بِمُحَمّدٍ وَآلِهِ الطّاهرِينَ ، وَ صَلَواتُهُ وَ تَسلِيماتُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعينَ .
تعليقات:
1) الآية 59 ، من السورة 4 : النساء .
2) الآية 30 ، من السورة 30 : الروم .
3) الآية 3 ، من السورة 5 : المائدة .
4) مكارم الاخلاق» للطبرسيّ ، في خطبة الكتاب ص . 2
5) جاء هذا الحديث في «بحار الأنوار» الطبعة الكمبانيّ ج 15 كتاب الأخلاق ص 48 عن «الكافي» بالشكل التالي : يَأَيّهَا النّاسُ واللَهِ مَا مِن شَيْءٍ يُقَرّبُكُمْ مِنَ الْجَنّةَ وَ يُبَاعِدُكُمْ عَنِ النّارِ إِلّا وَ قَدْ أَمَرتُكُمْ بِهِ ، وَ ما مِن شيءٍ يُقَرّبُكُمْ مِنَ النّارِ وَ يُبَاعِدُكُمْ مِنَ الْجَنّةِ إلّا وَ قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنهُ .
6) الآيتان 180 و 181 ، من السورة 2 : البقرة .
7) غاية المرام» ص 618 ، الحديث الأوّل . و ينقل في «نظم درَر السمطين» ص 114 عن أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيّ بسنده عن عبدالله بن حكيم الجهنيّ أنّه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم : إِنّ اللَهَ تَبارَكَ وَ تَعالَى أوْحَى إِلَيّ فِي عَلِيّ ثلاَثَةَ أشياءَ لَيلَةَ أُسْرِيَ بِي : أَنّهُ سَيّدُ الْمؤمِنِينَ وَ إمَامُ الْمُتّقِينَ و قَائِدُ الْغُرّ الْمَحَجّلينَ . وذكر في الهامش أنّ أبا نعيم روى هذا الحديث في «حلية الأولياء» ج 1 ص . 67
8) غاية المرام» ص 618 ، الحديث التاسع ، و جاء ذلك أيضاً في «نظم دررالسمطين» ص 11 ، عن الحافظ أبي نعيم الأصفهانيّ بإسناده عن الشعبيّ ، و ذكره أيضاً أبونعيم في «حلية الأولياء» ج 1 ، ص . 66
9) غاية المرام» ص 619 ، الحديث الثاني عشر ؛ و «نظم دررالسمطين» ص . 124 و نقل صاحب كتاب «عليّ و الوصيّة» من الصفحة 196 فما بعدها ثلاثة أحاديث باختلاف يسير عن «أرجح المطالب» و «المناقب» للخوارزميّ و «فرائد السمطين» .
10) غاية المرام» ص . 620 الحديث الخامس عشر .
11) غاية المرام» ص 620 ، الحديث السادس عشر .
12) غاية المرام» ص 620 ، الحديث السابع عشر .
13) غاية المرام» ص 620 ، الحديث الثامن عشر .
14) غاية المرام» ص 620 ، الحديث التاسع عشر .
15) غاية المرام» ص 621 ، الحديث الحادي و العشرون . و ينقل في كتاب «عليّ والوصيّة» من ص 223 إلى ص 226 ثلاثة أحاديث بمضمون هذا الحديث مع اختلاف يسير ، و ذلك عن الكنجيّ الشافعيّ في «كفاية الطالب» ، و موفّق بن أحمد الخوارزميّ في «المناقب» و القندوزيّ الحنفيّ في «ينابيع المودّة» و ينقل فياستدراكات «عليّ و الوصيّة» من ص 377 إلى ص 379 ثلاثة أحاديث أيضاً عن «التاريخ الكبير» لابن عساكر ، المخطوط ومضمون هذه الأحاديث هو نفس مضمون الأحاديث السابقة لكنّها أكثر تفصيلاً منها . جاء في الأوّل منها : لَا مَلَكٌ مُقَرّبٌ ، وَ لا نَبِيّ مُرسَلٌ ، وَ لَا حَامِلُ عَرْشٍ ، هَذَا عَلِيّ بنُ أبي طالبٍ وصِيّ رَسُولِ المُسلِمِينَ وَ أميرُ المؤمِنِينَ وَ قائِدُ الغُرّ المُحَجّلينَ فِي جَنّاتٍ النّعيم . و في الثاني : هَذَا عَلِيّ بْنُ أبي طالبٍ وَصِيّ رَسُولِ رَبّ العالمينَ وَ إمامُ المُتّقينَ وَ قائدُ الغُرّ المُحَجّلِينَ . و في الثالث : هَذَا عَلِيّ بنُ أَبي طالبٍ أَميِرُ المؤمنينَ وَ إمام المُتّقينَ وَ قائِدُ الغُرّ المُحَجّلِينَ إلَى جَنّاتِ النّعيم .
16) غاية المرام» ص 621 ، الحديث الثالث و العشرون .
17) نفس المصدر السابق ، الحديث الأوّل .
18) غاية المرام» ص 621 : الحديث الخامس .
19) إنّ كثيراً من أجزاء كتاب تاريخ ابن عساكر لم يطبع بعدُ . و هي موجودة في مكتبات العالم المختلفة . و بينهما جزء كتبه المؤلّف عن أمير المؤمنين عليه السلام و هو لم يطبع لحدّ الآن . و قد أمر المرحوم العلّامة الأمينيّ بعض فضلآء النجف أن يأخذوا نسخة مصوّرة على تلك النسخة الموجودة في المكتبة الظاهريّة بدمشق . و ثبّتوها في مكتبة الإمام أمير المؤمنين العامّة بالنجف . و نحن نقلنا تلك الرواية عن ابن عساكر عن تلك النسخة بناءً على ما نقله صاحب كتاب «عليّ و الوصيّة» في ص 376 ، و قد ذكرها في استدراكات كتابه .
20) يتّفق جميع العلماء الذين نقلنا عنهم على ألفاظ هذا الحديث نفسها إلّا في بعض الجزئيّات المشار إليها فيما يأتي ، (1) يقول الخوارزميّ : ثُمّ جَعَلَ يَمسَحُ عَرَقَ وَجهِهِ وَيَمْسَحُ وَجْهَ عَلِيّ عَلَى وَجهِهِ . (2) يقول ابن عساكر : ثُمّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ وَ يَمْسَحُ عَرَقَ عَلِيّ بِوَجْهِهِ . (3) يقول ابن شهرآشوب ثُمّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَرَقَ وَجْهِهِ بِوَجْهِهِ . فَلم يذكر الفقرة الثانية . (4) يقول القندوزيّ و ابن أبي الحديد : ثُمّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَرَقَ وَجْهِهِ . و لم يذكر الفقرة الأُخرى أيضاً . (5) ذكر ابن أبي الحديد صدر الحديث بالشكل التالي : إمامُ الْمُتّقِينَ وَسَيّدُ الْمُسْلِمِينَ وَ يَعْسُوبُ الدينِ وَ خَاتَمُ الْوَصِيّينَ و قَائِدُ الْغُرّ الْمُحَجّلِينَ .
21) الآية 58 ، من السورة 29 : العنكبوت .
22) الآية 20 ، من السورة 39 : الزمر .
23) الآية 37 ، من السورة 34 : سبأ .
24) الآية 75 ، من السورة 25 : الفرقان .
25) ربّما يقال : إنّ معنى خاتم الأوصياء هو أنّه وصيّ خاتم الأنبياء ، فلا يشكل إذَن مفهوماً مستقلّاً بالنسبة إلى قوله : «أنا خاتم الأنبياء» ، و إذا كان القصد هو أنّ الوصاية قد ختمت به ، فالأئمّة الآخرون هم ليسوا أوصياء رسول الله ، بل أوصياء وصيّه ، بينما هم أوصياء رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أيضاً .
26) و قد سار سيّد الشهداء إلى مكّة للحجّ قبل وفاة معاوية بسنة ، يصحبه عبد الله بن جعفر و عبد الله بن عباس و جمع من بني هاشم من النساء و الرجال ، و جماعة من مواليهم و شيعتهم ، فخطب عليه السلام في منى خطبة مفصّلة قال فيها : أمّا بَعْدُ فَإنّ هَذَا الطّاغِيَةَ قَدْ فَعَلَ بِنَا وَ بِشِيعَتِنَا مَا قَدْ رَأَيْتُمْ وَ عَلِمْتُمْ وَ شَهِدْتُمْ ، فَإِنّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَإنْ صَدَقْتُ فَصَدّقُونِي ، وَ إِنْ كَذبْتُ فَكَذّبُونِي ، اسْمَعُوا مَقَالَتِي وَاكْتُبُوا قَوْلِي ثُمّ ارْجِعُوا إلَى أَمْصَارِكُمْ وَ قَبَائِلُكُمْ فَمَنْ أمنتم مِنَ النّاسِ وَ وَثقْتُمْ بِهِ فَادْعوهُمْ إلَى مَا تَعْلَمُونَ مِنْ حَقّنَا فَإنّي أَتَخَوّفُ أَنْ يَدْرُسَ هَذَا الْأَمْرُ وَ يَذْهَبَ الْحَقّ وَ يُغْلَب وَاللَهُ مُتِمّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكَفِروُنَ ـ الخطبة (كتاب «سليم بن قيس» ص 206) .
27) يقول أبونعيم في «الحلية» ج 1 ، ص 68 : قَالَ النّبِىّ صَلّى اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ : لَا تَسُبّوُا عَلِيّاً فإنّهُ ممسوسٌ فِي ذَاتِ اللَهِ تَعَالَى .
28) الحديث الثامن و العشرون .
29) عليّ و السنّة» ص . 64
30) الحديث الثلاثون .
31) عليّ و السنّة» ص . 66
32) الحديث الرابع و العشرون .
33) الحديث التاسع و العشرون .
34) الحديث الثاني والثلاثون .
35) طبع مصر سنة 1329 ه الطبعة ذات المجلّدات الأربعة .
36) و روى في «ينابيع المودّة» ص 238 أيضاً تحت عنوان الحديث 49 عن أبي هريرة أنّه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ [وَآلِهِ] وَسَلّم : لَمّا أُسْرِيَ بِي فِي لَيلَةِ المِعْرَاج فَاجتَمَعَ عَلِيّ الأنْبِيَاءُ فِي السّماءِ فَأوْحَى اللهُ تَعالَى إليّ : سَلْهُمْ يَا مُحَمّدُ ؛ بِمَاذَا بُعِثْتُمْ ، فَقَالُوا : بُعِثْنَا عَلَى شَهَادَةِ أن لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ وَ عَلى الإقْرَارِ بِنُبوّتِكَ وَالْوَلَايةِ لِعَلّي بنِ أَبي طَالِبٍ . رواه الحافظ أبو نعيم .
37) الآية 132 ، من السورة 2 : البقرة .
38) البغويّ من مشاهير علماء العامّة . كنيته أبوالقاسم و اسمه عبد الله . له كتاب «معجم الصحابة» توفّى سنة 317 ه .
39) جاء هذا الحديث في كتاب «عليّ و الوصيّة» ، ص 26 و . 27
40) الآية 214 ، من السورة 26 : الشعراء .
41) طبع مصر سنة 1329 ، الطبعة ذات المجلّدات الأربعة .
42) تذكرة الخواصّ» سبط ابن الجوزيّ ص 49 ـ . 50
43) جاء في بعض الأخبار كلمة «منّا» بدل «منهما» . و أمّا لو كان الصحيح هو كلمة «منهما» فلعلّ السبب هو أنّ الإمام المهديّ ينتهي من جهة الأب إلى الحسين بن عليّ سيّد الشهداء عليه السلام و من جهة الأُم إلى الحسن المجتبى عليه السلام و ذلك أنّ الإمام السجّاد تزوّج بنت الإمام الحسن فأولدها الباقر لذلك فإنّ نسب الإمام المهديّ إذا انتهى بالإمام الباقر فإنّه من جهة الأُم سينتهي بالإمام الحسن بن عليّ عليهما السلام .
44) كما مضى في هامش الصفحة المتقدّمة .
45) عليّ و الوصيّة» ص 215 ـ . 217
46) نقلاً عن كتاب «عليّ و الوصيّة» ص . 50
47) الآيات 1 ـ 4 ، من السورة 53 : النجم .
48) الآيات 1 ـ 7 ، من السورة 53 : النجم .
49) نقلاً عن كتاب «عليّ و الوصيّة» ص . 28
50) و قد وردت كلمة «العلّة» في كتب اللغة مثل نهاية ابن الأثير و «لسان العرب» بمعنى السبب . و بالطبع فقد أورد الحموينيّ في كتاب «فرائد السمطين» عبارة «علمه مطويّ» بدلًا من عبارة «علّته مطويّة» .
51) الآية 100 ، من السورة 9 : التوبة .
52) الآية 10 ، من السورة 56 : الواقعة .
53) نقلاً عن كتاب «عليّ و الوصيّة» ص . 372
54) ديوان الحِميريّ» ص 59 عن «أعيان الشيعة» ج 12 ، ص 212 ، و قد تمّ تخريج سبع حالات عن كتاب «المناقب» .
55) ديوان الحِميريّ» ص 63 عن «أعيان الشيعة» ج 12 ، ص 214 ، و تمّ تخريجه من المناقب ج 2 ، ص 13 و ج 3 ، ص . 58
56) ديوان الحِميريّ» ص 114 ضمن القصيدة المعروفة بالمُذهّبة و قدتمّ تخريجها عن «أعيان الشيعة» و «الكنى و الألقاب» و «طبقات الشعراء» و «المناقب» و «الحيوان» للجاحظ ، و «كشف الغمّة» و كثير من المصادر الأُخرى . ذُرَى جمع ذِروَةَ و هي أعلى الشيء . قَوادم جمع قادِمة ، و القوادم هى أربع ريشات في مقدّم جناح الطائر . و خلفها المَناكِب ، ثمّ الأباهِر ، و بعدها الخَوافي ، تتلوها الذّنابى . أربعاً أربعاً ، و مجموعها عشرون ريشة .
57) ديوان الحِميريّ» ص 128 تخريجها من «أعيان الشيعة» ج 2 ، ص 217 و «المناقب» ج 2 ، ص 36 و ج 3 ، ص . 50
58) نفسه ص 216 ، و تمّ تخريجهما من «أعيان الشيعة» ج 12 ، ص 248 و «الغدير» ج 2 ، ص 196 «المناقب» ج 2 و 3 في عدّة صفحات .
59) ديوان الحِميريّ» ص 201 و تمّ تخريجهما من «أعيان الشيعة» ج 12 ، ص . 251
60) ديوان الحِميريّ» ص 224 ، و تمّ تخريجهما من «أعيان الشيعة» ج 12 ، ص 247 و «المناقب» ج 3 ، ص . 56
61) ديوان الحِميريّ» ص 232 ، و تمّ تخريجه من «الغدير» ج 2 ، ص 219 و «الأغاني» ج 7 ، ص 269 ، و «المناقب» ج 3 ، ص . 33
62) ديوان الحِميريّ» ص 275 ، و تمّ تخريجهما من «مجموعة المكتبة الظاهريّة» ص . 195
63) ديوان الحِميريّ» ص 304 ، و تمّ تخريجها من «الغدير» ج 2 ، ص . 205
64) المناقب» لابن شهرآشوب الطبعة الحجريّة ج 1 ، ص 544 و . 545
65) المناقب» ، ابن شهرآشوب ج 1 ، ص . 545
66) نفس المصدر السابق ج 1 ، ص . 545
67ـ68) نفس المصدر السابق ج 1، ص . 546
69) نفس المصدر السابق ج 1 ، ص . 546
70) و يقول ابن أبي الحديد أيضاً في شرح النهج» ح 11 : ص 120 (عشرون جزءاً) :
و خَيرُ خَلْقِ اللهِ بَعْدَ المُصْطَفى
أعظَمُهُمْ يَوْمَ الْفِخارِ شَرَفا
السّيّدُ المُعَظّمُ الوَصِيّ
بَعلُ البَتُولِ المُرْتَضى عَلِيّ
71) الآية 14 ، من السورة 27 : النمل .
72) الآية 20 ، من السورة 6 : الأنعام .